غرامات هزيلة على شركات الأسلحة المخالفة دون سحب رخص التصدير
تعليقاً على هذه المعطيات، اعترف رئيس «دائرة مراقبة الصادرات الأمنية» في وزارة الأمن، دوبي لافي، أن إسرائيل تصدّر أسلحة إلى «دول غير ديموقراطية، وهي دول تجري فيها غالباً انتهاكات لحقوق الإنسان وإبادة عرقية»، قائلاً: «توجد دول غير ديموقراطية نصدِّق على تصدير الأسلحة إليها. وليس نحن فقط، العالم كله يصدِّق لها... لا أعتقد أن التصدير الأمني يذهب إلى دول ديموقراطية فقط، لا في إسرائيل ولا في دول أخرى في العالم، وكذلك في الدول المتنورة في العالم».
وأضاف لافي: «نحاول إجراء توازن بين حاجة إسرائيل إلى صناعة أمنية قوية، من أجل إعطاء الجيش الإسرائيلي الأسلحة والقدرات التي يحتاجها... تصدير الأسلحة يجري بمسؤولية وبالحفاظ على الالتزامات الدولية كافة والتزام المصالح».
تغذية الحروب
في السابع والعشرين من كانون الثاني الماضي، نقلت «هآرتس» عن تقرير للأمم المتحدة أن «إسرائيل تزود جيش جنوب السودان بأسلحة تمنع من حد العنف في هذا البلد المتوتر الذي انفصل عن السودان قبل أعوام». التقرير الذي أعدّه خبراء خصيصاً لمجلس الأمن، وثّق صوراً لأسلحة من صناعة شركة «IWI» الإسرائيلية يحملها جنود «جيش جنوب السودان»، كانت أسلحة أوتوماتيكية من طراز ACE المطوّر من رشاش «جليل» الإسرائيلي.
وذكر التقرير أن «إسرائيل زودت الأذرع الأمنية في جنوب السودان بالسلاح، بما فيها جيش التحرير الشعبي السوداني (SPLA)، الذي كان حركة انفصالية مسلحة تحولت بعد الانفصال عن السودان إلى جيش جنوب السودان بقيادة سلفاكير شالوم». والتورط الإسرائيلي في جنوب السودان لا يقتصر على خرق الحظر المفروض على هذا البلد بشأن تصدير السلاح، بل وصل إلى تدريب «SPLA» في جنوب السودان وداخل فلسطين المحتلة أيضاً، كذلك بنت إسرائيل جهاز متابعة المعروف باسم «surveillance» بالتعاون مع الاستخبارات المحلية هناك، وهذا الأمر مماثل لما حدث في تشيلي في عهد بينوشيه، حينما درب الإسرائيليون عناصر الاستخبارات الذين مارسوا أقسى أنواع التعذيب.
بالإضافة إلى جنوب السودان، تصدّر إسرائيل أسلحتها وعتادها الأمني إلى 130 دولة، من بينها: رواندا، وأذربيجان، والكاميرون، وتوغو، وغينيا الاستوائية، ونيجيريا، وتشيلي، والأرجنتين، والفيليبين، والبوسنة، وكولومبيا، وغواتيمالا، والبرازيل، وليبيريا، وساحل العاج، وأرتريا.
وفي تقارير سابقة، أكد المحامي والناشط في هذا المجال إيتي ماك، أن إسرائيل تصدِّر السلاح إلى أذربيحان وجنوب السودان ولرواندا، كذلك درّبت، ولا تزال تدرّب، الحرس الرئاسي لعدد من الأنظمة في الدول الأفريقية وغير الديموقراطية، مثل الكاميرون وتوغو وغينيا الاستوائية، وبعضها أنظمة دكتاتورية تقتل وتنهب وتقمع المواطنين. ووفق ماك، فإن شركات حكومية إسرائيلية عملاقة تنشط في هذا القطاع خاصة «رفائيل» (سلطة تطوير الوسائل القتالية)، في حين أن غالبية الشركات خاصة، وأقامها جنرالات إسرائيلييون متقاعدون لجني الأرباح. أمّا عدد الشركات الخاصة، فيزيد على المئة، وهناك أكثر من 300 مصلحة مرخصة، جميعها تعمل برعاية وزارة الأمن التي تصدّق على نشاطها، وتمنع الكشف عن أسماء مالكيها ومشغليها.
كذلك هناك دول تعرّفها إسرائيل بأنها «دول خاصة»، تلك التي لا توجد معها علاقات معلنة. كذلك يمنع التحدث عن هذه الدول، ونشر أي معلومات عنها، لذلك إن التقديرات تشير إلى أنها دول يحظر تزويدها بالسلاح من مجلس الأمن، ويخشى أن يسبّب النشر عنها أضراراً بالغة لتل أبيب، باعتبار أنها تخرق القانون الدولي، لذلك تنشئ شركات خارجية تصدِّر بدورها السلاح وتبيعه.
أيضاً، أشارت تقارير إلى أن إسرائيل باعت أسلحة لليبيريا وساحل العاج أثناء الحرب الأهلية، كذلك سبّبت أضراراً أخرى للعالم عبر المساهمة في عسكرة قوات يفترض أنها قوات مدنية، كالشرطة البرازيلية التي مرت في عملية عسكرة سريعة جداً، بمساعدة إسرائيل. وفي كل مرة كان يُثار فيها هذا الموضوع، كانت وزارة الأمن تردّ بالقول إن «تصدير الأسلحة إلى كل دول العالم يُبحث كل مدة بالتعاون مع وزارة الخارجية وأطراف أخرى، وتحدد وفق المصالح الأمنية والسياسية لإسرائيل».