أهمية المواقف الأخيرة أنها صادرة من داخل منظومة «التحالف»
أبرز تلك الشخصيات، وزير الدولة في حكومة بن دغر، صلاح الصيادي، الذي لمّح، في تصريح في العاشر من الشهر الجاري، إلى أن رئيسه خاضع للإقامة الجبرية، داعياً اليمنيين إلى تظاهرات واسعة للمطالبة بعودته. صراحة لم ترُق قيادة «التحالف» التي أفادت أنباء بأنها أوعزت إلى الصيادي بمغادرة عدن على عجل، قبل أن تسري معلومات عن سفره إلى القاهرة بدلاً من الرياض. لكن الرجل تابع «تحدّيه» بمنشور على «فايسبوك» قال فيه إن وعده لمدينة عدن «التي أحبها بأنه سيعود إليها كرجل دولة أو فاتحاً». ويوم أمس، قدم الصيادي استقالته التي جاء بيانها مدوياً، وولّد ارتدادات في الأوساط الشعبية والرسمية. إذ تضمن البيان اعترافاً بالحقائق «المرة» التي يعرفها كل أبناء المحافظات الرازحة ترزح تحت سلطة قوات السعودية والإمارات. ولا فضل للوزير المستقيل في ذلك، فقد سبقه الكثير من اليمنيين على اختلاف انتماءاتهم ومناطقهم في فضحها، لكن الميزة الوحيدة لـ«صحوة الضمير» المتأخرة هذه أنها صادرة عن شاهد عيان من داخل المنظومة الحاكمة. ولعلّ الأبرز في بيان الصيادي تشديده على أن «القرار السياسي الوطني والسيادي مسلوب كأدنى حق للمؤسسات الشرعية»، وحديثه عن «التقويض المتعمد لمؤسسات الدولة، وبناء التشكيلات الميليشياوية على حساب الجيش الوطني»، فضلاً عن «انحراف بعض أطراف التحالف العربي عن هدف دعم (إعادة) الشرعية إلى اليمن». ويبقى الأهم في بيان الاستقالة هو الاعتراف الصريح بأن العلاقة بين «التحالف» و«الشرعية» باتت «غير متكافئة وغير طبيعية، وانتقلت من الشراكة إلى التبعية التامة».
وسبقت استقالة الصيادي استقالة نائب رئيس الوزراء، وزير الخدمة المدنية في حكومة هادي، عبد العزيز الجباري، احتجاجاً على ما عدّه «إهانة التحالف للشرعية»، وتحول العلاقة بينهما إلى «علاقة تابع ومتبوع». وكان وزير النقل، صالح الجبواني، قد هاجم «التحالف»، وبالتحديد الإمارات، متهماً إياها بالخروج عن أهداف «التحالف»، وبإدارة مشروع خاص بها في شبوة، وذلك على خلفية منعه من افتتاح ميناء في المحافظة النفطية من قبل «النخبة الشبوانية» التابعة لأبو ظبي.
ولم تتوقف حالة الاعتراض على الطرف المُموَّل من السعودية، بل خرجت أيضاً مواقف مماثلة من شخصيات أخرى محسوبة على الإمارات، وإن بنبرة أقل حدة. من هؤلاء عضو «المجلس الانتقالي»، ناصر خبجي، الذي اعترف بوجود «تباينات حول مواقف المجلس وعلاقاته مع الأطراف المحلية والاقليمية»، متحدثاً عن «غياب الشفافية والرؤية، وكذلك الانفراد والوصاية بقرارات المجلس، وهذا غير مقبول ويجب أن يُصحَّح».