وإذ خلت لائحة الأمس من الأسماء «الإخوانية» البارزة التي أضافتها عواصم المقاطعة إلى «قائمتها السوداء» في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 («الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، ورئيسه يوسف القرضاوي)، ضمّت «جمعية الإحسان الخيرية» اليمنية، التي تفيد معلومات بأنها كانت تتلقى دعماً قطرياً، وسبق أن حظيت بتضامن المنابر الموالية للدوحة لدى إدراجها، ومعها مؤسستا «الرحمة» و«البلاغ» على قائمة الدول الأربع، على خلفية ما قالت تلك المنابر إنه تعاونها مع جمعيتي «عيد» و«قطر» الخيريتين القطريتين. تراجعٌ يشي بأن الدوحة لا تمانِع تقديم تنازلات وفق القاعدة التي كان أرساها تيلرسون وكبير مستشاريه آر سي هاموند - إهمال المطالب الـ13 والعمل على بعض النقاط كلاً على حدة - مع احتفاظها بهامش يتيح لها القول إنها لم تتنازل عن الثوابت الرئيسة في سياستها الخارجية.
ضمتّ القائمة القطرية 20 شخصاً و8 كيانات
هذه الرسالة التي تتطلّع قطر إلى إيصالها من وراء قائمتها الجديدة ترافقها رسالة أخرى، متركزة على مضي الدوحة في إثبات «علوّ كعبها» في «مكافحة الإرهاب» قبالة خصمَيها الرئيسين، السعودية والإمارات، اللذين يجتهدان في إلصاق تهمة «دعم التطرف» بها، وإثبات «نظافة أيديهما». ذلك هو ما أعاد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، التشديد عليه أمس، لدى تعليقه على الخطوة القطرية، حيث رأى أن «إصدار وزارة الداخلية القطرية قائمة... تضمنت 10 أشخاص ممن تم إدراجهم سابقاً في القوائم الثلاث التي أصدرتها دول المقاطعة تؤكد الأدلة الموجهة ضد قطر»، وتثبت أن «دعمها للتطرف والإرهاب جوهر أزمتها». والجدير ذكره هنا أن القائمة القطرية الأخيرة اشتملت 20 شخصاً (12 قطرياً وسعوديان و4 مصريين وأردنيان)، من أبرزهم القطري عبد الرحمن النعيمي المصنّف سابقاً من قِبَل وزارة الخزانة الأميركية ضمن «لائحة الإرهاب»، إضافة إلى 8 كيانات أهمها «تنظيم داعش - ولاية سيناء».
ويأتي إعلان قطر «قائمتها السوداء» في وقت تتكشف فيه المزيد من المعلومات عن تورط السعودية والإمارات في تحريض ترامب على الإطاحة بوزير خارجيته، الذي كان يُنظر إليه على أنه أبرز المتعاطفين مع الدوحة داخل الإدارة الأميركية، والداعين إلى كبح جماح التصعيد ضدها. إذ نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أمس، مقابلات ووثائق تظهر الجهود التي بذلها المستشار السياسي لولي عهد أبو ظبي، جورج نادر، في التأثير على أحد أكبر جامعي التبرعات لحملة ترامب، إليوت برودي، بهدف حمله على لعب دور تحريضي لدى رئيسه ضد قطر وإيران. ووفقاً لمذكرة أرسلها برودي إلى نادر، فإن الأول «ألحّ شخصياً على ترامب لطرد تيلرسون، الذي ترى كل من الرياض وأبو ظبي أنه غير جدي بما يكفي للتصدي لقطر وإيران». وبحسب رسالة أخرى مؤرّخة في 25 آذار/ مارس 2017، فقد زوّد برودي نادر ببرنامج يتضمّن مقترحات لحملة علاقات عامة تستهدف التحريض على قطر وتنظيم «الإخوان المسلمين». كذلك، تكشف الوثائق أن نادر، الذي ذكر موقع «ديلي ميل» أنه غادر الولايات المتحدة عائداً إلى الإمارات، أغرى برودي بعقود لصالح شركته الأمنية الخاصة «سيرينوس»، قبالة إسدائه خدمات لكل من الرياض وأبو ظبي.