أخطأت الرياض وأبو ظبي في حساباتهما بشأن المهرة
على أي حال، تبدو زيارة الأحمر محاولة واضحة، مدفوعة سعودياً، لامتصاص تداعيات الاعتصام المتواصل في المهرة، والذي بلغ زخمه أخيراً حدّ مجاهرة بعض القائمين عليه بتوصيف الوجود السعودي والإماراتي في المحافظة الشرقية بـ«الاحتلال». لكن تلك المحاولة المُوجّهة بالدرجة الأولى نحو «رئيس المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى»، عبد الله بن عفرار، المعروف بقربه من سلطنة عمان، لا يظهر أنها ستفلح في تفريق المعتصمين وإعادتهم إلى بيوتهم، إذ إن هؤلاء لا يزالون مصرِّين على البقاء في ساحة الاحتجاج حتى تحقيق مطالبهم التي يتقدمها خروج القوات السعودية والإماراتية من المهرة، وتسليم منفذَي شحن وصرفيت وميناء نشطون ومطار الغيضة الدولي للسلطة المحلية. وما يعزز موقف المحتجين، وقوف الشخصيات والفاعليات الوازنة في المحافظة إلى جانبهم، مثلما هو حال وكيل محافظة المهرة لشؤون الصحراء، سالم الحريزي، الذي قال قبل أيام، في تصريحات تلفزيونية، إن «وجود القوات السعودية والإماراتية في المهرة لا يمكن وصفه إلا بأنه احتلال»، وإن «أبناء المهرة يريدون استعادة السيادة على أرضهم».
ومع رفض اللجنة التنظيمية للاعتصام فضّه قبل تحقيق المطالب كافة غير المقتصرة على «رفع مستوى الأمن والخدمات في المحافظة» كما يحاول الجنرال الأحمر الإيحاء، بدأت تتواتر أنباء غير مؤكدة عن أشكال جديدة من الاحتجاج من مثل إحراق النقاط العسكرية التابعة للسلطات السعودية أثناء خلوّها من عناصرها على أيدي مسلحين قبليين، وهو تطور من شأنه ــ إذا ما صحّ ــ أن يفتح على مرحلة أكثر خطورة قد لا يأمن أهالي المهرة فيها إقدام «التحالف» على تصرفات ذات طابع جنوني. ولعلّ ما جرى تداوله، خلال الأيام القليلة الماضية، عن وصول طائرات «أباتشي» وعربات عسكرية وأسلحة ثقيلة إلى مطار الغيضة الدولي، يعزز تلك المخاوف، وينبئ بأن ليس ثمة استعداد لدى «التحالف» إلى الآن لتسوية المسألة سلمياً.
بالنتيجة، يظهر واضحاً أن الرياض وأبو ظبي أخطأتا في حساباتهما بشأن محافظة المهرة، بعدما اعتقدتا أن تنصيب محافظ موالٍ لـ«التحالف» (هو راجح باكريت الذي عبّد الطريق أمامهما للسيطرة على مواقع القوة في المحافظة من مطار وميناء ومنافذ حدودية) كافٍ لإخضاع المهرة التي ظلّت ساكنة إلى ما قبل التسلل السعودي والإماراتي إليها. لكن ما أثبتته الوقائع، التي تسارعت خلال الآونة الأخيرة، أن القيادات التاريخية في المحافظة، التي تربطها علاقات متقادمة بسلطنة عمان، أطول يداً وأكبر تأثيراً على «المهريين» من باكريت وغيره. وبمعزل عمّا إذا كانت علاقة تلك القيادات بمسقط متصلة مباشرة بالتأثيرات الأخيرة، فإن السلطنة، التي لا تفتأ السعودية والإمارات تتهمانها - مبطناً - بتسهيل التهريب إلى المهرة، تبدو مستفيدة من الحراك الاحتجاجي الدائر حالياً.
وقفة في صنعاء تضامناً مع «المهريين»
نظمت وزارة النقل في حكومة الإنقاذ، في العاصمة صنعاء، أمس، وقفة تضامنية مع أبناء المهرة المطالبين بخروج القوات السعودية والإماراتية من أراضيهم. ووصف بيان صادر عن الوقفة «ما تقوم به السعودية والإمارات في محافظة المهرة» بأنه «استعمار واحتلال للأرض والإنسان والموارد التي تتمتع بها المحافظة»، مشيداً بـ«الدور البطولي الذي يقوم به أبناء المحافظة، وبانتفاضتهم ضد الاحتلال السعودي - الإماراتي»، وداعياً «بقية المحافظات الجنوبية إلى أن تحذو حذو محافظة المهرة بالانتفاضة ضد الاحتلال». وقال نائب رئيس حكومة الإنقاذ لشؤون الخدمات، محمود الجنيد، في كلمة خلال الوقفة: «(إننا) نتشرف ونعتز بالحراك الذي حصل في محافظة المهرة، وهذا ما كنا نتطلع إليه من أبناء المحافظات الجنوبية الأحرار، الذين لا يمكن أن يقبلوا بالمحتل والغازي»، حاضّاً «أبناء المحافظات الجنوبية على مواجهة المحتل السعودي - الإماراتي، الذي يمارس الإجرام وأبشع أنواع القمع ضد أبناء المحافظات الجنوبية، ويستنزف خيراتها وثرواتها الطبيعية».