تريد واشنطن من الدوحة تحدّي هيمنة الغاز الروسي على أوروبا
المشروع السعودي، الذي يشمل في مرحلة أولية الدولتين الخليجيتين اللتين تُعدّ قطر أكبر مورّد للغاز الطبيعي المسال إليهما (الإمارات وسلطنة عمان)، يبدو استكمالاً لمسار بدأته الرياض منذ زمن، يستهدف منازعة الدوحة على عنصر تفوقها الرئيس، أي الغاز. وهو مسار ليست الإمارات بعيدة منه؛ إذ على رغم استمرارها في استيراد الغاز من قطر عقب اندلاع الأزمة الخليجية في حزيران/ يونيو 2014، إلا أنها لم توقف محاولاتها البحث عن بدائل، بما فيها الغاز اليمني الذي تسيطر القوات الإماراتية على منشآته الرئيسة في المحافظات الجنوبية. ولعلّ تنبّه الدوحة إلى تلك المزاحمة المحتملة هو واحد من الأسباب التي دفعتها إلى حسم قرارها الانسحاب من «أوبك» بهدف «اتباع نهج خاص بها في أسواق الغاز العالمية، وتعزيز موقعها كدولة كبرى في مجال تصدير الغاز»، وفق ما يرى محلّلون. والجدير ذكره، هنا، أن قطر أعلنت، في نيسان/ أبريل 2017، نيتها رفع إنتاجها من الغاز الطبيعي بنسبة 43%، إلى حدود 110 ملايين طنّ سنوياً.
وبالنظر إلى تجارب سعودية سابقة باءت بالفشل، على رأسها «مبادرة الغاز السعودية» التي أُطلقت في نهاية التسعينيات، فإن محاولة المملكة المتجددة تطوير احتياطياتها من الغاز إلى الحدّ الذي يمكنها من خلاله منافسة جارتها «المتمردة» لا يبدو مضموناً، خصوصاً أن بعض الاحتياطيات السعودية تتطلّب طرق استخراج متقدمة مشابهة لتلك المستخدمة في قطاع الغاز الصخري، وذلك خلافاً للاحتياطيات القطرية التي تُعدّ كلفة استخراجها من الأرخص على مستوى العالم. يُضاف إلى ذلك أن الغاز القطري لا يزال، في قيمته الاستراتيجية، متفوقاً على ما عداه. تقدير يتأكد مجدداً مع إعلان الولايات المتحدة رغبتها في أن تتحدّى قطر هيمنة الغاز الروسي المتزايدة على أوروبا. إذ كشف نائب وزير الطاقة الأميركي، دان بروليت، أن بلاده تتباحث مع القطريين في إمكانية أن يتولوا تصدير الغاز الطبيعي إلى ألمانيا ودول أخرى، تعتمد بنسبة كبيرة من صادراتها على الغاز الروسي. وأشار بروليت إلى أنه تناقش مع نظيره القطري، سعد الكعبي، في هذا الشأن، لافتاً إلى أن «القطريين مهتمون كثيراً بمدّ الأسواق الأوروبية بالغاز الطبيعي»، مستدركاً بأن «الأمر مرتبط كثيراً بمشاوراتنا مع آخرين حول نورد ستريم 2». والمقصود بـ«نورد ستريم 2» خط أنابيب سيزيد اعتماد ألمانيا وأوروبا على الغاز الروسي، لكن الولايات المتحدة تضع رهانها على أن الاستثمارات القطرية المنتظرة في مرفأ الغاز الطبيعي المسال «جولدن باس» في تكساس، وفي منشآت التصدير الأميركية الأخرى، والتي يتوقع أن لا تقلّ عن 20 مليون دولار في السنوات القليلة المقبلة، «ستسمح لنا بإيصال الغاز الطبيعي إلى أوروبا» وفقاً لبروليت، الذي أقرّ بأن كلفة نقل الغاز المسال أكبر من كلفة الغاز المنقول عبر خطوط أنابيب. وحول الخلاف بين الكويت والسعودية على المنطقة النفطية المشتركة، لفت الوزير الأميركي إلى «أنهم حققوا بعض التقدم... ويقتربون من حلّ المسألة».