ربط أردوغان مساهمة بلاده في تأهيل «المنطقة الآمنة» المفترضة بدعم حلفائها المالي
وكان لافتاً أن الموقف الأولي الذي خرج من أوساط كردية مسؤولة في شرقي الفرات، لم يكن رفضاً صافياً لطرح «المنطقة الآمنة»، بل اشتراط قبولها بوجود قوات دولية مسؤولة عنها تحت رعاية من الأمم المتحدة. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية هذا الموقف عن مستشار «الإدارة الذاتية» بدران جيا كرد، الذي ذكر في الوقت نفسه أن انتشار «القوات الحكومية السورية يبقى احتمالاً قائماً». هذه المقاربة التي تترك الخيار مفتوحاً لعقد اتفاق مع دمشق من جهة، وللتخلي عنه لمصلحة منطقة آمنة مدارة دولياً من جهة أخرى، تعكس أن قرار «مجلس سوريا الديموقراطية» ومن يدور في فلكه لا يزال مبنياً على ما تسوقه واشنطن من مبادرات. وفي انتظار موقف الحكومة السورية من الطرح الأميركي ـــ التركي، كان لافتاً أن روسيا التي رعت إطار التفاوض بين دمشق والأكراد، اكتفت منذ إعلان ترامب قرار الانسحاب، بالإشارة إلى ضرورة عودة المناطق التي ينسحب منها الأميركيون إلى سلطة الدولة السورية؛ في موازاة تلميحات إلى دعم مبيّت من قبلها، لتحرك عسكري تركي مدروس شرقيّ الفرات. وبالتوازي، جهدت أنقرة في تمرير رسائل طمأنة إلى شريكتها موسكو، بأن تعاونهما في الملف السوري سيتعزز خلال المرحلة المقبلة، أي إنه لن يتأثر بـ«أيام العسل» الأميركية ــ التركية. وبعد يوم واحد على خروج مشروع «المنطقة الآمنة» إلى العلن عبر «تغريدة» لترامب، نشر الرئيس التركي مقالاً في صحيفة «كوميرسانت» الروسية، قال فيه: «لا نريد التقليل من قيمة النجاحات التي حققناها مع الاتحاد الروسي في إطار عملية أستانا، أو التقدم المحرز في مسار الحل السياسي... يجب أن نعمل معاً لإعادة بناء سوريا، وضمان الأمن والاستقرار فيها. هذه هي الطريقة الوحيدة لوضع حد للإرهاب... وبالتالي حماية سوريا من التدخل الخارجي». وينتظر أن يلتقي أردوغان نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني، ضمن إطار لقاءات «أستانا» الدورية، وذلك في الثالث والعشرين من الشهر الجاري في روسيا، حيث سيركّز اللقاء على ملفي شرقيّ الفرات وإدلب بشكل رئيس. وقال الرئيس التركي أمس في تعليقه على ملف إدلب ومحيطها، إنه «بمشيئة الله، سنحلّ كل المشاكل هناك، وسنحوّل إدلب إلى منطقة استقرار وسلام، كما عملنا في باقي المناطق التي ندعمها» في إشارة إلى نية تركيا استنساخ تجربتها في ريف حلب الشمالي، من عفرين إلى جرابلس.
وفي موازاة تلك التطورات اللافتة، استقبلت دمشق المبعوث الأممي الجديد غير بيدرسن، للمرة الأولى. وأعرب وزير الخارجية السوري وليد المعلم، عن استعداد بلاده للتعاون مع الديبلوماسي الجديد في مهمته المتمثلة بـ«تيسير الحوار السوري ـــ السوري... بما يؤدي إلى القضاء على الإرهاب وإنهاء الوجود الأجنبي غير المشروع على كامل الأراضي السورية، ويحافظ فعلياً على وحدة سوريا وسيادتها واستقلالها».