سقط جراء الاعتداء عددٌ من الشهداء والجرحى في صفوف الجيش السوري
وإلى جانب طبيعة الاعتداء وآلية تنفيذه، فإن توقيته وآلية إخراجه من جانب العدو حملا دلالات عديدة، تبدأ من الداخل الإسرائيلي ولا تنتهي بملف الانسحاب الأميركي المفترض من سوريا، مروراً بجولات الصراع الإيراني ـــ الإسرائيلي على الأراضي السورية. فللمرّة الأولى، يُعلن جيش العدو خلال تنفيذ الاعتداء أنه يقوم بـ«استهداف مواقع لفيلق القدس الإيراني»، وذلك بعد إعلانه إطلاق صواريخ «القبة الحديدية» ضد صاروخ «أرض ــ أرض» أُطلق من الأراضي السورية باتجاه القسم المحتل من هضبة الجولان. المحاولة الإسرائيلية لتصوير الاعتداء على أنه «ردّ» على «تصعيد إيراني» من أرض سورية اكتملت عبر تصريح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس، الذي قال إن صاروخاً «إيراني الصنع» أطلقته «القوات الإيرانية... من منطقة تلقّينا وعداً بألا يوجد فيها إيرانيون». وعاد وزير «شؤون القدس» الإسرائيلي، زئيف إلكين، ليبرّر استهداف مواقع عسكرية ومدنية سورية بالقول إن «الجيش السوري قرر التدخل وتفعيل أنظمة الدفاع الجوي، والمسؤولية على نظام (بشار) الأسد». وفي تعليق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الاعتداء، أعاد أسطوانة «توجيه ضربة قوية إلى أهداف إيرانية في سوريا»، مضيفاً خلال تدشين مطار جديد في جنوب فلسطين المحتلة أنه لن يسمح «بمثل هذه الأعمال العدوانية». وفي المقابل، تقاطعت تصريحات عدة مسؤولين عسكريين إيرانيين على تأكيد أن الضربات الإسرائيلية لن تؤثر في الوجود الإيراني «الشرعي والمرحّب به» في سوريا.
ولا يتطلب دحضُ الرواية الإسرائيلية سوى تعداد المواقع التي طاولها الاعتداء، والخسائر التي سبّبها. فبينما استشهد عدد من مقاتلي الجيش السوري وجرح آخرون، تؤكد المعلومات المتوافرة أنه لم يصب أي من المستشارين أو العسكريين الإيرانيين الذين تدّعي إسرائيل استهدافهم. كذلك، فإن التسجيل الذي نشره جيش العدو لعملية الاستهداف، بمعزل عن صحّته، يُظهر استهداف عربة من منظومة «بانتسير» للدفاع الجوي، التي سلّمتها موسكو لقوات الجيش السوري. وتشير مصادر عسكرية إلى أن الجولة الأولى من الغارات الإسرائيلية استهدفت مباني في الناحية الغربية من مطار دمشق، وقاعدة عسكرية في محيط صحنايا جنوبي العاصمة دمشق. وتوضح أن الجولة الثانية «طاولت عدداً من قواعد الدفاع الجوي في المنطقة الجنوبية». ومن ضمن ما استُهدِف أمس أيضاً، وفق المصادر، كتيبة الدفاع الجوي في مدينة إزرع في ريف درعا، وعدد من منظومات رادار في مطار الثعلة العسكري، وكتيبة الرادار قرب قرية الدور في ريف السويداء الشمالي، إلى جانب رادارين في تل قينة وتل الصحن جنوب شرقي السويداء.
وكان لافتاً أن الجانب الإسرائيلي حاول تحييد الجانب الروسي عن معادلة «استهداف الوجود الإيراني»، بالتأكيد أنه استخدم «آلية الاتصال العاجلة» مع الجيش الروسي. ولم يخرج حتى ليل أمس، تصريح روسي «ديبلوماسي» حيال العدوان الإسرائيلي، فيما أوردت وزارة الدفاع الروسية بعض التفاصيل العامة عنه. وعقب الاعتداء، أكدت وزارة الخارجية السورية في رسالتين وجهتهما إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، أن الاعتداء «انتهاك فاضحٌ لقرار مجلس الأمن المتعلق باتفاقية فصل القوات»، فيما برز موقف صيني لافت شدد على أهمية «احترام سيادة سوريا واستقلالها»، ودعا «جميع الأطراف المعنية إلى الامتناع عن تصعيد التوتر».
تفجير يستهدف «التحالف» في الحسكة
شهدت مناطق سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية» استهدافاً جديداً لقوات «التحالف الدولي» والوحدات العسكرية الأميركية، هو الثاني من نوعه خلال أقل من أسبوع. وعلى غرار تفجير منبج، استُهدف رتل لقوات «التحالف» قرب أحد حواجز «الأسايش» في منطقة الشدادي على بعد نحو 47 كيلومتراً من مدينة الحسكة، بتفجير سيارة مفخّخة. ووفق المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، أصاب الانفجار السيارة الأخيرة من القافلة، وسبّب حريقاً في آليتين أُخريين، وأدى إلى إصابة اثنين من العسكريين الأميركيين وعدد من عناصر «الأسايش». وأُسعِف العسكريون المصابون إلى قاعدة لقوات «التحالف» في مساكن حقول الجبسة النفطية. وبينما تبنى تنظيم «داعش» التفجير بعد وقت قصير من وقوعه، أكد «التحالف» استهداف القافلة، نافياً وقوع «ضحايا» في صفوف قواته.