الرد الإماراتي، تمثّل بفتح ابن راشد إثر ذلك خط اتصال مع المسؤولين العُمانيين في ميناءَي الدقم وصحار (المنافسين للموانئ الإماراتية) لاستدراجهم وتقديم عرض لهم بعرقلة تطوير الميناءين، مقابل رشى سخية تضمنت منحهم الجنسية الإماراتية مع مبانٍ سكنية وسيارات ومبالغ مالية. وسط هذه الأجواء، وكما تفيد المصادر، عقد السلطان قابوس بن سعيد اجتماعات بعيدة عن الأضواء مع بعض الحكام في الإمارات، مِمَّن هم على خلاف مع حكام أبو ظبي ودبي.
أقدمت سلطات مسقط على مواجهة أبو ظبي بالمعلومات التي باتت بحوزتها
وبحسب المصادر الخليجية، فإن ملف الصراع بين مسقط وأبو ظبي يأتي في سياق أشمل، حيث يقود ولي العهد محمد بن زايد هجوماً على كل من تركيا وقطر وعُمان، سخّر له النظام المصرفي في الإمارات. وفضلاً عن الخلاف السياسي بين ابن زايد وهذه الدول، فإن الأخير على ما يبدو يتشدد في مقاطعة البلدان الثلاثة تجارياً بما يتجاوز مقاطعة قطر المعلنة إلى الحدّ من التعاون الاقتصادي. وقد عمد جهاز المخابرات الإماراتي إلى تسخير النظام المصرفي لتحديد هوية الشركات التجارية والتجار الذين يتعاملون مع دول مجاورة، على رأسها قطر وتركيا وعُمان. وتفيد المعلومات بأن الأجهزة الإماراتية تستخدم منذ العام الماضي «أساليب ملتوية» للإيقاع بهذه الشركات، فقد انتحل وكلاء النظام المصرفي في الإمارات صفة تجّار، وتواصلوا مع بعض الشركات في الدول الثلاث طالبين منها تحويل شحناتها من الإمارات وإليها مقابل عمولات مجزية. وفي حال موافقة الجهة المخاطبة، تُلغى الصفقة ويُوضَع الكيان على «قائمة المراقبة» ويُخضَع لتدابير مراقبة صارمة قد تصل إلى توقيفه عن العمل.
وبالعودة إلى شبكة التجسس الإماراتية، فإن ابن راشد، في إطار تجنيده للمسؤولين في الموانئ العمانية واستدراجهم، عمد إلى الأسلوب الآنف، وهو أسلوب سبق أن استخدمته المخابرات الإماراتية للإيقاع بعملاء مخابرات من بلدان مختلفة، يُعتقَل إثرها العنصر وتؤخَذ معلومات منه عن بلده مقابل إطلاق سراحه. لكن الجهد الإماراتي برمّته انتهى إلى فشل بعد كشف جهاز المخابرات العماني شبكة التجسس وتوقيف أفرادها.
يذكر أن «الأخبار» نشرت في تموز/ يوليو الماضي ضمن ملف «الإمارات ليكس» برقيات من السفارة الإماراتية لدى مسقط، توضح حنق أبو ظبي على ما تعتبره انحياز مسقط إلى الدوحة في الأزمة الخليجية، ويَرِد فيها: «لا بد لنا من تحرك باتجاه السلطنة لثنيها بالترغيب أو الترهيب».