يعتبر الرياحي نفسه ضحية مؤامرة سياسية - قضائية انتهت بإجباره على مغادرة البلاد
يرى الرياحي أنه صار مستهدفاً، وأن استراتيجية الشاهد انبنت على عنصرين: التقرب من «حركة النهضة»، وشنّ حرب على حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس الراحل، الذي كان قد بدأ في الصعود داخل «نداء تونس». أما تحركاته السياسية في تلك الفترة، فكانت محاولات لتحجيم الشاهد وضرب مشروعه في مرحلة أولى، ثمّ تحولت إلى مساعٍ لتلطيف الأجواء معه. تمثلت محاولات وضع حدود للشاهد في إبعاد حافظ قائد السبسي عن المشهد، وبالتالي ضرب الحجة التي بنى عليها مشروعه، وفحواها أنه يقاوم توريث السلطة. أما محاولات تلطيف الأجواء، فكانت بعد رفع عدة قضايا ضدّه أدت إلى تجميد أمواله وخروجه من رئاسة «النادي الأفريقي» (تركه يتخبّط في أزمة مالية - إدارية وديون وعقوبات) وحظر السفر عليه، ويستشهد على ذلك بمجموعة رسائل بينه وبين الشاهد يَعِده فيها الأخير بحلّ مشاكله القضائية مقابل دعمه في البرلمان.
إذاً، الصورة التي يريد الرياحي رسمها للصراع هي كالآتي: يستغلّ يوسف الشاهد القضاء للضغط على خصومه السياسيين، ثم يستدعيهم لعقد صفقات معهم يكون هو الطرف الأقوى فيها، مستفيداً من دعم «النهضة» ومجموعة من مسانديه داخل رئاسة الجمهورية. لتأكيد هذه النظرية، يستشهد الرجل بقضايا أخرى، أبرزها قضيتا شفيق جراية المتهم بالتعاون مع جهات أجنبية للإضرار بتونس، ونبيل القروي الموقوف على ذمة قضايا تبييض أموال وتهرب ضريبي.
آخر حلقات مسلسل الرياحي في تونس، كانت قبل عام تقريباً: رُفع عنه فجأة حظر السفر بعد تصويت كتلته البرلمانية لوزير الداخلية المقترح من الشاهد، ثم غادر البلاد وقدم شكوى مفادها وجود مخطّط للانقلاب على رئيس الجمهورية يقوده رئيس الحكومة، ولم يعد من حينها.
مناسبة الحوار المتلفز كانت رفض القضاء مطلب رفع تجميد أموال وإلغاء بطاقة إيداع بالسجن في حق الرياحي، ما يعني أنه مهدد بالحبس فور دخوله تونس. ويَعتبر الرجل أن هذا القرار مسيّس أيضاً، وأن القضية المرفوعة ضدّه لا أساس لها، ويتهم ما سمّاه «عصابة يوسف الشاهد» بفبركتها. قد يحوي كلام الرياحي مبالغات واتهامات غير مبنية على أسس صلبة، كذلك فإن قناة «الحوار التونسي» - التي نقلته - لها حسابات بدورها (ينتظر صاحبها محاكمة الشهر القادم في قضية تتعلق بنهب التلفزيون العمومي خلال فترة بن علي). مع ذلك، وردت في الحوار إشارات إلى صفقات سياسية - قضائية تدعمها قرائن واقعية، ما يترك انطباعاً لدى الرأي العام بوجود ألاعيب غير قانونية وفساد في منظومة الحكم.
اليوم، يستعد الرياحي لخوض الانتخابات الرئاسية، وبما أنه يعلم ضعف حظوظه بالفوز فيها، ترشّح أيضاً في الانتخابات التشريعية على دائرة فرنسا الشمالية، على أمل تحصيل مقعد وحصانة قانونية تسمح له بالعودة إلى البلاد وإكمال صراعه. ويرتهن ذلك طبعاً بنجاحه هو والشاهد في البقاء في مشهد جديد قد يسيطر عليه مرشحون يرفعون شعار «معاداة منظومة الحكم».