فرنسا وإيطاليا ليستا الطرفين الوحيدين في معادلة صياغة موقف أوروبي موحّد
لكن فرنسا وإيطاليا ليستا الطرفين الوحيدين في معادلة صياغة موقف أوروبي موحّد؛ إذ يمرّ الأمر عبر بوابة ألمانيا أيضاً. ظلّت برلين طويلاً على هامش الفعل في الملف الليبي، لكنها تبدو اليوم مستعدة لأداء دور تنسيق جهود جارتَيها الأوروبيتين. يوم الثلاثاء، عُقد في برلين اجتماع تنسيقي للمؤتمر المزمع عقده في الأسابيع القليلة المقبلة، شمل ممثلين عن الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا ومصر والإمارات وتركيا وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، وخرجت في أعقابه تصريحات إيجابية، تقدّم من بينها إعلان كلّ من مصر وفرنسا أن لهما «رؤية مشتركة» بخصوص الحلّ السياسي في ليبيا. أما التصريح الأبرز، فقد جاء على لسان المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، الذي قال إن بلاده «تؤيد وقف إطلاق النار في ليبيا»، ولكن بشرط إعلان مواقف حازمة مِمَّن يخرقه وتسليط عقوبات عليه.
إلى جانب الندوة الدولية، ثمة حديث أيضاً عن تنظيم ملتقى داخل ليبيا يجمع طرفَي النزاع. وجاء هذا الاقتراح على لسان المبعوث الدولي، وهو محاولة لإحياء مشروعه المجهض. إذ كان من المفترض أن يُعقد «ملتقى وطني» في الرابع عشر من نيسان/ أبريل الماضي، ويكون تتويجاً لجهود بذلتها البعثة لأشهر في تنظيم لقاءات قاعدية ضمن المجتمعات المحلية في ليبيا شملت آلاف الأشخاص، لكن المشروع لم يبصر النور بسبب إطلاق حفتر الهجوم على طرابلس. من غير المعروف حتى الآن الصيغة التي سيتم تبنّيها في تنظيم الندوة الدولية أو الملتقى المحلي، سواء لناحية الجهات المدعوّة أو طبيعة خريطة الطريق المقترحة. وهي مسائل تبدو شديدة التعقيد، بالنظر إلى أنه يصعب بثّ الحياة في المقترحات التي طُرحت في مؤتمرات دولية سابقة، مثل وضع تواريخ لعقد انتخابات أو العمل على توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية. والسبب الرئيس لعقم تلك المقترحات هو تنامي انعدام الثقة بين الفاعلين في ليبيا، ووصول النزاع إلى مستويات غير مسبوقة، أدت إلى سقوط مئات القتلى، ودفع حوالى ربع مليون شخص إلى مغادرة منازلهم نتيجة الأعمال العسكرية. الوصول إلى حلّ يتطلّب بداية وجود إقرار داخلي بعدم فاعلية الحرب، وضرورة الجنوح إلى السلم والتفاوض، الأمر الذي يظهر غير متوافر في هذه المرحلة.
مما تسرّب حتى الآن، تبدو الخطة مرتكزة على تحقيق وقف مبدئي لإطلاق النار، ثمّ العمل على تثبيته، والاتجاه حينها إلى عقد ملتقى محلي للتباحث في خريطة الطريق. مع ذلك، وحتى في حال النجاح في وقف إطلاق النار، لا شيء يضمن فعلياً أن لا يكون مجرّد استراحة لإعادة ترتيب الصفوف، واستقدام مزيد من الأسلحة والمقاتلين للإعداد لجولة أخرى من القتال.