العجز، هو كلّ ما يمكن أن يعبّر عنِ الحالة المصرية في ملف سدّ النهضة الإثيوبي. فلا العمل العسكري، بغضّ النظر عن القدرات الفعلية على ذلك، يُجدي نفعاً على المديين القريب والبعيد، ولا الرهان على واشنطن تظهر منه أيّ ثمار، خاصة مع ما عُهد من دونالد ترامب. سنوات، بل عقود، من الإهمال للملف الأفريقي عامة، تكلّلت بإهمال في قضية «النهضة» التي سُحبت من حِجر وزارة الخارجية لتتسلّمها المخابرات. حتى التقارير التي كانت تُرفع إلى عبد الفتاح السيسي من مستشارته حول هذا الملف لم تكن تصله كاملة! بعيداً عن مدى الحق الإثيوبي في تحديد آليات تشغيل السدّ، أظهر السلوك التفاوضي المصري حقيقة موقع القاهرة الإقليمي، والذي لا تزال تتغنّى به. فحتى على صعيد القارة الأفريقية، لم تستطع، لا في ظلّ وجودها في الاتحاد الأفريقي ولا خارجه، أن تكوّن لنفسها مكانة تستطيع من خلالها فرض الجزء اليسير مما يضمن لها سلامتها من خطر يمسّ أمنها القومي، الذي - للمفارقة - لطالما شكّل شماعة لتبرير سياسات النظام القمعية. اليوم، أكثر من مئة مليون مصري مهدّدون بالعطش، فيما أزمة حادّة تتهدّد الإنتاج الزراعي والطاقة الكهربائية. وسط ذلك، لا يملك السيسي سوى القول إنه ليس سبب الأزمة، بل ثورة المصريين في 2011... في انتظار سيناريو من اثنين: العطش، ليزيد سبباً إلى أسباب موت المصريين، أو الانجرار إلى حرب لم يعد تصوّرها مستحيلاً!