أما البرغوثي (25 عاماً)، فهو طالب في جامعة بيرزيت، ومن كوادر «الشعبية»، وينحدر من بلدة كوبر في رام الله، واعتُقل سابقاً لدى العدو لتصنيعه موادّ متفجرة، كما أنه متهم بالمساعدة في تجهيز العبوة. والمقاوم الثالث، مغامس، هو أيضاً من رام الله، ويدرس في بيرزيت، ومن كوادر الجبهة، وسبق أن اعتقله العدو لمشاركته في نشاطات تنظيمية وليست عسكرية. وبحسب مصدر في المقاومة تحدث إلى «الأخبار»، فإن العدو انتهج تحقيقاً قاسياً في حق الثلاثة لحملهم على الاعتراف وكشف خيوط العملية، بل نكّل بعائلاتهم، إذ اعتقل الدكتورة وداد البرغوثي، والدة قسام، وأيضاً والدة مغامس. وثمة اسم رابع هو وليد محمد حناتشة (46 عاماً)، «المموّل للعملية والمسؤول عن قائد الخلية» وفق اتهام العدو، إذ أوصل عربيد إلى عين بوبين قبيل تفجير العبوة. ويُعدّ حناتشة من قيادات «الشعبية» القاطنين في حيّ الطيرة في رام الله، وقد اعتُقل خلال التحقيق مع الخلية. فضلاً عن ذلك، اتهم العدو قيادات من الجبهة بالمسؤولية عن العملية أو العلم بها، مثل: عبد الرازق فراج، والنائب في التشريعي خالدة جرار، واعتراف الريماوي، وجميعهم أسرى محرَّرون من محافظتَي رام الله والبيرة. وبينما تحدث البيان الإسرائيلي عن تفجير عبوات أخرى كانت في حوزة الخلية، أكد المصدر أن العدو فجّر عبوات على أطراف بلدة كوبر، مسقط رأس البرغوثي، في الليلة نفسها التي شنّ فيها أوسع اعتقالات ضدّ قيادات الجبهة وكوادرها. أيضاً، تحدث بيان «الشاباك» عن «العثور على تسع قطع سلاح وعبوات ناسفة ومستلزمات لتصنيعها، إضافة إلى أجهزة لاسلكية ورصاص، ومسدسات، اثنان منها مزوّدان بكاتم للصوت»، فيما ذكرت مصادر إعلامية عبرية أن «المنفذين وثقوا العملية ولحظة الانفجار بالفيديو» من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل في هذا الخصوص.
اعتقل العدو بعد عملية «عين بوبين» نحو 50 كادراً من الجبهة
في قراءة سريعة لما حدث خلال الأشهر الماضية، يتبين أن العدو يسابق الزمن لقطع الطريق على «الشعبية» قبل تنفيذ عمليات أخرى. ومع أن المشهد الذي رسمه «الشاباك» يشير إلى صعوبة تشكيل الخلايا المسلّحة وتمدّدها في الضفة، إلا أنه يؤكد بالتوازي الإصرار الفلسطيني على خرق الطوق المشدّد والقدرة على التملّص من الملاحقة لعام ونصف عام على الأقل، إذ أن العدو لم يعلن هوية الجهة التي تقف خلف إطلاق نار قرب رام الله عام 2017 إلا أمس فقط، ما يشي بأن إمكانية التحول إلى لغز والاختفاء لمدة طويلة في الضفة، قائمة بل وكبيرة. ومن هنا، اعتبر مراقبون أن «الإسرائيليين تلقّوا كفاً على الرقبة»، وخصوصاً أن الذين شاركوا في «عين بوبين» أسرى محرَّرون، وجميعهم اعتقلوا أكثر من ثلاث مرات لنشاطهم في «الشعبية» و«لتشكيلهم خطراً أمنياً»، لكن العملية تجاوزت كلّ معيقات التمويل وتجهيز مستلزمات العبوة وتشكيل الخلية والتواصل بينها من دون اكتشافها، كما نجحت في المراحل كافة قبل التنفيذ وخلاله وبعده.
اللافت أن الذين وردت أسماؤهم في بيان «الشاباك» يُعتقلون دورياً، وتصدر في حقهم أحكام إدارية هدفها منعهم من استكمال أيّ عمل مهما كانت طبيعته، بل إن اثنين من منفذي العملية يمتلكان سجلاً سابقاً وفي حقهما «إدانة» بتصنيع المتفجرات. ما يزيد الحرج الإسرائيلي هو أن العملية تحمل توقيع «الشعبية»، في ضربة هي الأولى للجبهة في الضفة الغربية منذ انتهاء الانتفاضة، فيما يبدو أن الأخطر بالنسبة إلى العدو هو وجود خلايا مستقبلية تتجهّز لعمليات أخرى. كذلك، تقول الرواية الإسرائيلية إن الأسرى الثلاثة، عربيد ومغامس والبرغوثي، راقبوا مكان العملية وتجوّلوا فيه أكثر من مرة، كما جمعوا معلومات ورسموا الخطة قبل أسابيع من التنفيذ. وفي الليلة السابقة للانفجار، استقلّ الثلاثة مركبة وأحضروا العبوة مع مسدّسات إلى المنطقة الجبلية الواقعة في المكان (نبع ماء عين بوبين قرب قرية دير ابزيع شمال غرب رام الله)، ثم ركن سامر المركبة بعيداً، ليعيده حناتشة بمركبته ويغادر. وفي يوم العملية، انطلق مغامس والبرغوثي سيراً على الأقدام، وزرعا العبوة ثم غادرا نحو جبل يكشف مكانها، وبعد ساعات أعطى البرغوثي الإشارة للعربيد بالتفجير عند وصول مركبة المستوطنين، قبل أن يعودا مشياً على الأقدام نحو رام الله ويتفرّقا.