لكن، وبمعزل عن حديث الأسماء والأرقام، فإن هذه الخطوة تحمل أكثر من دلالة توجب الإشارة إليها:
1ــــ بهذه الكتلة، استطاع الحكيم أن «يحمي» رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي. يرفض الأوّل تكرار سيناريو عادل عبد المهدي، مع الأخير، فهو «عرّابه» وأبرز المروّجين له منذ أيّار/ مايو 2018. لا يريد الحكيم أن يكون الكاظمي ضحيّة «التوافق» وبلا أي غطاء برلماني. فـ«التوافق» العراقي يعني إسقاط/ تكليف الرئيس في اللحظة التي تراها الأحزاب والقوى السياسية مناسبة، وتخدم مصالحها وحساباتها.
تهدف الخطوة إلى الانفتاح أكثر على المؤثّرين في المشهد العراقي، شرقاً كانوا أو غرباً
2ــــ أراد الحكيم، أيضاً، أن يختصر على الكاظمي «مسيرة الولاية الثانية». فالأخير لا يسعى إلى تأسيس حزب أو كتلة برلمانيّة بالمعنى المباشر، أمّا الأوّل، فيعمل على «الحفاظ» على الكاظمي، بشتّى السبل، سياسيّاً وبرلمانيّاً وجماهيريّاً. من هذا «التحالف»، ومن هذا العدد، يستطيع الحكيم الانطلاق إلى «الفضاء الوطني»، وعقد تفاهماتٍ من شأنها إنتاج رئيس وزراء، في المرحلة التي تلي إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة.
3ــــ أراد الحكيم من هذه الخطوة الانفتاح أكثر على المؤثّرين في المشهد العراقي، شرقاً كانوا أو غرباً، وفرض نفسه، ومن معه، كخيار عراقي معتدل، يضمن مصالح الجميع بمنهج يرضي الجميع أيضاً.
4ــــ يسعى الحكيم إلى «فك أي ارتباط» مع الصدر. خروجه سابقاً من «تحالف الإصلاح والإعمار» (تحالف سياسي برلماني ضمّ الصدر والحكيم والعبادي وإياد علّاوي وآخرين...)، وانتقاله إلى «الجبهة المعارضة» لحكومة عادل عبد المهدي، ومن ثم دعمه للكاظمي، بمعزل عن توجّهات الكتل «الشيعية» الأخرى، يؤكّد أن خيارات مشروعه السياسي لا يمكن «اختزالها» بتحالف «تقليدي»، بل توجب البحث عن بدائل يُستطاع من خلالها تكريس «الحكمة» كخيار «شيعي» معتدل، بنظر القوى المحلّية والإقليمية والدولية.
هذه الخطوة، لا يمكن فكّها أيضاً عن مسار الحكيم السياسي، وخياره «الجريء» بالانفصال عن «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي» (تموز/ يوليو 2017). ثمّة من يسأل هنا عن «علاقات» الحكيم مع المؤسسات الرسمية الإيرانية، المعنيّة بالملف العراقي، و«تفاعله» مع جدول أعمالها، وإتقانه «اللعب» على تناقضاتها.