يستعدّ الجيش واللجان للمعركة الفاصلة في مسار استعادة المدينة
وبالعودة إلى غريفيث، فلا تبدو مبادرته الأخيرة، والتي كان ينوي تقديمها إلى «أنصار الله» بعدما سلّم حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي نسخة منها، إلا محاولة للالتفاف على التطورات الميدانية التي جعلت الجيش اليمني واللجان الشعبية قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على كامل الجبهة الشرقية. المبادرة الجديدة تتضمّن بنوداً غير مطروقة من قبل، كما أنها تستجيب للعديد من المطالب المزمنة لدى قيادة صنعاء، والتي دائماً ما كان يتمّ تجاهلها. إذ تدعو إلى «وقف إطلاق النار، مع إيقاف جميع العمليات الهجومية الجوية والبحرية والبرية، بما في ذلك إعادة نشر القوات والأسلحة الثقيلة والمتوسطة والذخائر». وتنصّ المسودة على «استئناف العملية السياسية في أقرب وقت لوضع نهاية للحرب»، مطالِبةً بـ«رفع القيود (التي يفرضها التحالف) عن دخول السفن التجارية وسفن المشتقات النفطية، وإعادة ضخّ النفط من مدينة مأرب (شرق) إلى الحديدة (غرب)، إضافة إلى فتح مطار صنعاء الدولي، وإطلاق جميع المعتقلين وفقاً لاتفاق ستوكهولم». والجدير ذكره، هنا، أن موافقة الجانب السعودي على نقل النفط من مأرب الخاضعة لسيطرته إلى ميناء رأس عيسى الواقع تحت سلطة حكومة الإنقاذ، إنما تستبطن اعترافاً بالعجز عن وقف تقدّم الجيش واللجان باتجاه مدينة مأرب، ومحاولة لاستدراك خسارة ميدانية واقتصادية كبرى باتت محتومة.
وعلى رغم الإيجابيات الظاهرية التي احتوتها مبادرة غريفيث المعدّلة، إلا أن «أنصار الله» رفضت حتى عقد لقاء للاطلاع عليها. مردّ ذلك إلى فقدان أيّ مؤشر إلى صدق النوايا والجدّية في الطرح الأخير، إذ لو كان هذان العنصران متوافرين، لأُفرج عن سفن المشتقات النفطية المحتجزة من قِبَل «التحالف» قبالة ميناء جيزان منذ أكثر من ثلاثة أشهر رغم حصولها على التراخيص اللازمة من آلية التفتيش التابعة للأمم المتحدة في جيبوتي (أُفرج عن أربع فقط في محاولة لاسترضاء صنعاء)، ولَتَوقّف التصعيد الجوي الذي بلغ ذروته في الأيام الأخيرة. ومن هنا، تعتقد «أنصار الله» أن المبادرة الجديدة إنما تستهدف إنقاذ «التحالف»، الذي فشل في الحيلولة دون وصول الجيش واللجان الشعبية إلى تخوم مدينة مأرب. وفي ظلّ إصرار الجانب السعودي على سياسة التحايل، تمضي صنعاء في استعداداتها للمعركة الفاصلة والأخيرة لاستعادة المدينة، بالتنسيق مع قبائلها.