وتُظهر ملابسات محاولة اغتيال لملس، أن الجهات التي تقف وراءها كانت تتوقّع نسبة نجاح كبيرة في تصفيته، إذ إن «ثلاث سيارات مفخّخة كانت تترصّده، وتمّ وضع كلّ منها في أحد الشوارع التي يمرّ عبرها». أمّا عن أسباب العملية، فترى مصادر سياسية، في حديث إلى «الأخبار»، أنها تعود إلى «بدء محافظ عدن، منذ تعيينه من قِبَل هادي بموافقة السفير السعودي محمد آل جابر، في تموز 2020، بالعمل لمصلحة المجلس الانتقالي في المدينة، والسيطرة على معظم المؤسسات العامّة للدولة فيها، وتجريد حكومة هادي من أيّ نفوذ في تلك المؤسّسات، إلى حدّ قيام اللجنة الأمنية التي يرأسها لملس، قبل أيّام من محاولة اغتياله، باعتقال 60 عنصراً من حراسات البنك المركزي الموالية للرياض في المدينة، وفرض حراسات أمنية من المجلس الانتقالي بدلاً منها، فضلاً عن فرض السيطرة على العديد من البنوك والشركات الحكومية، كشركة النفط في عدن».
اعتبرت السعودية ممارسات لملس تقويضاً لحضور حكومة هادي في عدن
وتضيف المصادر نفسها أن «الرياض اعتبرت أن ممارسات المحافظ قوّضت ما تبقّى من حضور مؤسّسي لحكومة هادي في عدن، وهو ما أثار استياءها، ودفعها إلى استدعاء المحافظ أواخر آب الفائت بشكل عاجل، بعد عدّة أيام من رفضه توجيهات رئاسية قضت بسرعة فتح المحاكم والنيابات ومقرّ المجمع القضائي في المدينة، وإخلاء ميليشيات من مؤسّسات تابعة للقضاء أُغلقت من قِبَل نادي القضاة التابع للانتقالي احتجاجاً على تعيين هادي نائباً عاماً جديداً في منتصف كانون الثاني 2021، في قرار اعتبره المجلس مخالفاً لاتفاق الرياض، غير أن السعودية اعترفت بالنائب العام المعيّن من قِبَل هادي واعتبرته شرعياً». وتشير المصادر إلى أنه «قبيل استدعائه بأسابيع، ألغى لملس قراراً رئاسياً بتعيين مديرة لشركة النفط اليمنية في عدن صدر في عام 2018، وأقرّ تعيين قيادي في المجلس الانتقالي الذي يشغل المحافظ أمانته العامة، بديلاً منها، رافضاً توجيهات سابقة لحكومة هادي بهذا الشأن».
وعلى خلفية ذلك كلّه، سعت السعودية، في خلال الأشهر الماضية، إلى ليّ ذراع «الانتقالي» ومحافظ عدن، اللذين يعملان في اتجاه مناهض لمصالحها، باستخدام أوراق ضغط تسبّبت بانهيار العملة وتدهور الخدمات العامة وحجز الشحنة الرابعة من منحة الوقود المخصّصة لكهرباء مدينة عدن، وهو ما أدّى إلى إغراق المدينة في الظلام لأسابيع، في ما بدا محاولة لإرغام «الانتقالي» والمحافظ على التراجع عن قراراتهما، والعودة إلى طاولة المفاوضات لاستكمال تنفيذ «اتفاق الرياض». وبالفعل، اتفق لملس، بعد استدعائه إلى الرياض، مع آل جابر، على تهدئة إعلامية وسياسية مقابل عودة حكومة هادي إلى تقديم الخدمات وتحسينها في عدن، وتمكّن من الإفراج عن الشحنة الرابعة من الوقود المخصّص للكهرباء، لكنه ظلّ «ولداً عاقاً» بالنسبة إلى الرياض، وزادت خلافاته مع السفير السعودي، الذي يُعدّ صاحب القرار الأوّل في المحافظات الجنوبية، ويرى أن «الانتقالي» يعيق تنفيذ «اتفاق الرياض».