أحالت مفوضية الانتخابات أمر الموافقة على طلبات المترشّحين إلى القضاء
في المقابل، لا تزال الأصوات الرافضة للعملية الانتخابية بالكامل، وفي مقدّمتها «المجلس الأعلى للدولة» بقيادة خالد المشري، قاصرة عن إحداث أيّ تغيير. فالدوافع التي استند إليها المشري للمطالبة بتأجيل الانتخابات حتى شباط المقبل على الأقلّ، والمقصود بها خصوصاً إقرار قوانين الانتخابات من دون توافق بين المجلس والبرلمان، أمرٌ تجاوزه الزمن، خصوصاً أنه أصبحت بحوزة الليبيين بطاقات الاقتراع اللازمة لإجراء العملية. إلّا أنه يُخشى من صدور قرارات متضاربة من القضاء الليبي، على رغم أن المفوضية بدأت الاستعداد لجميع السيناريوات، بما فيها طعون المترشّحين بعضهم ضد بعض، سواءً بشكل مباشر أو عبر وسطاء، علماً أن معظم هؤلاء لن يتمكّنوا من إطلاق حملاتهم الانتخابية على جميع الأراضي الليبية لأسباب قبلية. ولا يُتوقّع أن يكون العدد الكبير من المرشّحين عائقاً أمام عملية الاقتراع، التي ستنحصر فعلياً بين عدّة مرشّحين بارزين هم سيف الإسلام القذافي (نجل الرئيس الراحل معمر القذافي)، رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، رئيس البرلمان عقيلة صالح واللواء خليفة حفتر، مع أن كلّ واحد من هؤلاء يواجه إشكاليات قانونية تجعل من السهل الطعن في ترشّحه، بحسب مراقبين قانونيين. على أن الدعم الأممي لمفوضية الانتخابات قائم على اعتماد ترشيح مَن تقدّموا بأوراقهم من دون رفض أو إقصاء لأيّ شخص أو تيّار، حتى تكون الانتخابات جامعة وموحِّدة لليبيين لإنهاء عقد الانهيار والانفلات الأمني، من دون أن ينفي ذلك احتمال انهيار العملية في أيّ لحظة.
على أيّ حال، المؤكد حتى الآن أن إجراء الانتخابات أصبح وشيكاً إذا سارت الأمور كما هو مخطّط لها، خصوصاً في ظلّ تزايد التهديدات بمعاقبة المعرقلين والدعم الكبير الذي تحظى به المفوضية، التي أحال رئيسها عماد السائح الإشكالات القانونية إلى القضاء. وفي الوقت الذي يُخشى فيه من غياب الدستور الذي سيَحكم الرئيس المنتخب على أساسه البلاد في السنوات المقبلة، وتتكاثر الشكوك في إمكانية إجراء الانتخابات البرلمانية في كانون الثاني 2022، يُتوقّع أن تواجه نتيجة الانتخابات تشكيكاً وطعوناً، فضلاً عن وجود مشكلات قد تعيق تعامل «المجتمع الدولي» مع عدّة مترشّحين في حال فوزهم، من بينهم سيف الإسلام القذافي المطلوب لـ«المحكمة الجنائية الدولية»، وخليفة حفتر الذي أقيمت دعاوى قضائية ضدّه خارج البلاد. وعليه، فإن ما بعد الانتخابات الرئاسية أصبح اليوم الأكثر إثارة للجدل والتخوّف؛ ذلك أن العملية التي يُفترض أن تجري لتعزيز الاستقرار يبدو أنها ستكون بداية لمرحلة جديدة من التوتر والصراع على الشرعية بين الأطراف المتنافسة.