كما هي عادتها دائماً، اختارت الولايات المتحدة التوقيت الأنسب لها للظهور بمظهر «البطل»، الذي يواصل تعقُّب التنظيمات الإرهابية في المنطقة، من أجل إنهاء وجودها ومنْع انبعاثها. هكذا، وفي سيناريو مماثل لاغتيال أبو بكر البغدادي، وأسامة بن لادن، أقدمت القوات الأميركية على تنفيذ عملية إنزال جوّي، مشوَّشة التفاصيل، شماليّ سوريا، أسفرت عن مقتل زعيم تنظيم «داعش»، أبو إبراهيم القرشي. عمليةٌ ليس وقوعها مباشراً عقب الأحداث الأخيرة التي شهدها سجن الصناعة في مدينة الحسكة، عبثياً؛ إذ إنها تستهدف، بوضوح، التغطية على الفضيحة التي حملتها تلك الأحداث لواشنطن وحلفائها. وإذ يرمي الهجوم، أيضاً، إلى تصوير الولايات المتحدة بوصفْها وكيل محاربة فلول «داعش»، مع ما يستتبعه هذا - بحسب سرديتها - من ضرورة لبقائها في سوريا والعراق، فهو يؤكد مرّة جديدة طغيان الحسابات السياسية على كلّ ما تقوم به واشنطن اليوم. وليس أدلّ على ذلك من أن المقتول لا يحوز، عملياً، أكثر من صفة رمزية، فيما خلايا التنظيم تعمل على الأرض من دون العودة إلى قيادتها، مستفيدة من غطاءٍ ودعم يوفّرهما لها الأميركيون، تجلّت آخر مظاهرهما في نقل المستسلمين في سجن الصناعة إلى مناطق البادية