نشرت قوات الاحتلال الآلاف من الجنود وأفراد الشرطة وحرس الحدود في المدينة
في المقابل، واستباقاً للتحرّكات الفلسطينية في المدينة، نشرت قوات الاحتلال الآلاف من الجنود وأفراد الشرطة وحرس الحدود، فيما أقرّت السماح للضباط الكبار فقط بإنزال الأعلام الفلسطينية المضادّة لمسيرة المستوطنين في باب العَمود والقدس، وذلك خشية انفلات الأوضاع وتدحرجها إلى اشتباكات واسعة. وعلى المستوى السياسي، تواصلت تصريحات مسؤولي الاحتلال المؤكّدة استمرار «مسيرة الأعلام» وفق مسارها. وفي هذا الإطار، قال وزير الجيش، بيني غانتس، إن «حماس لن تهدّد سيادتنا، لقد أطلقت العام الماضي صواريخ وندمت»، بينما ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية أن الحكومة تتبع حالياً سياسة عدم الرضوخ لأيّ تهديد من الفصائل في قطاع غزة. إلّا أن رئيس الحكومة، نفتالي بينت، يخشى بالفعل من فقدان السيطرة وتدهور الأوضاع، في ظلّ استقرار سياسي هشّ، وتحذيرات من أعضاء «كنيست» عرب من حزبَي «الموحّدة» و«ميرتس» من نتائج المُضيّ بالمسيرة، وهو الأمر الذي دفع قادة الائتلاف إلى البعث برسائل إلى هؤلاء الأعضاء تحضّهم على تهدئة الأوضاع.
ويُحيي المستوطنون الإسرائيليون في الأراضي المحتلّة، وخصوصاً في مدينة القدس، سنوياً، ذكرى «توحيد القدس»، وهو اليوم الذي تمكّن العدو فيه من دمج شطرَي المدينة، الشرقي والغربي، تحت سيطرته، عام 1967، وذلك بعد معارك مع الجنود الأردنيين الذين دافعوا عن الشطر الشرقي. ومن أهمّ فعاليات هذه الذكرى في كلّ عام، ما يُعرف بـ«مسيرة الأعلام» أو «رقصة الأعلام» التي يشارك فيها عشرات الآلاف من المستوطنين - بينهم عدد كبير من الصبية والمراهقين -، الذين يتمّ حشدهم من مختلف المناطق للوصول إلى القدس، حيث يقومون برقص استفزازي في البلدة القديمة والحيّ الإسلامي، ويردّدون شعارات عنصرية ضدّ العرب والمسلمين، ويرفعون الأعلام الإسرائيلية بكثافة. والمسار التقليدي لـ«مسيرة الأعلام»، هو ابتداءً من وسط القدس ثمّ عبر باب العمود، مروراً بالحيّ الإسلامي، وصولاً إلى حائط البراق. وفي بعض الأحيان، يقتحم المستوطنون المسجد الأقصى خلال المسيرة أو عقبها مباشرة، من باب المغاربة، ويدورون حول مسجد قبّة الصخرة رافعين الأعلام الإسرائيلية، حيث تقع المواجهات مع الفلسطينيين، قبل أن يخرجوا باتّجاه باب السلسلة.
وبدأ إحياء هذه المناسبة عام 1974، لكنه توقّف خلال الفترة ما بين عامي 2010 و2016 بسبب المواجهات التي كانت تندلع بين المستوطنين، وأهالي البلدة القديمة والفلسطينيين، الذين يحتشدون عادةً في مثل هذه المناسبات للرباط في القدس، والتصدّي لاعتداءات المستوطنين على المسجد الأقصى. وهذا العام، دعت «جماعات الهيكل»، وعدد من قادة اليمين المتطرّف في الحكومة الإسرائيلية، إلى اقتحام الأقصى في ذكرى «يوم القدس» الصهيوني، مع الإصرار على تمرير «مسيرة الأعلام» وفق مسارها الأساسي. كما دعت جماعة تطلق على نفسها اسم «لاهافا» إلى هدم مسجد قبّة الصخرة وبناء الهيكل فوق أنقاضها، ما دفع الفلسطينيين إلى الاستنفار والاستعداد للدفاع عن المسجد.