تَجد لجان الكشف الإنشائي صعوبةً في إقناع الناس بضرورة هدْم البيوت المتضرّرة جزئياً
من جهتها، انصاعت زبيدة داده (45 عاماً) لقرار الإخلاء الفوري لمنزلها المُهدَّد بالسقوط جرّاء الزلزال، والذي كانت تستأجره في مدينة جبلة. ومع ذلك، فهي ترى أن خسارتها اليوم بسيطة أمام ما ضيّعتْه يوم فرّت هاربة وعائلتها من مدينة جسر الشغور في إدلب عام 2014. تقول لـ«الأخبار»: «بعد تهديدنا بالقتل آنذاك، غادرْنا منزلنا من دون أن نَحمل معنا حتى بطاقاتنا الشخصية، تركْنا كلّ شيء ونجوْنا بأرواحنا، وبدأت معاناتنا مع حياة جديدة يَنقصها كلّ شيء»، مضيفةً: «كلّ تلك السنوات ونحن نعيش بالحدّ الأدنى، إلى أن حلّت الكارثة. نجوْنا أيضاً وخسرنا شويّة عفش». وتَلفت داده إلى أن قسرية الخروج والمصير المجهول وانتظار المساعدات هي القواسم المشتركة بين نزوحَيها الأول والثاني، إلّا أنها تعتقد أن الوضع الحالي لا يحمل أيّ بصيص أمل في العودة إلى ما كانوا عليه، وخاصة في ظلّ وجود آلاف العائلات التي تعاني مِثل عائلتها.
وإذا لم يكن صعباً اقتناع مَن هوى منزله أمام عينيه بأنه لم يَعُد له خيارٌ إلّا النزوح، فإن مَن يرى بيته لا يزال «واقفاً على قدمَيه» ولو مهلهَلاً، سيحاول قدرْ الإمكان التمسّك به، وخاصة في حال سَبق له أن ضيّع منزله في الحرب. ومن هنا، تَجد لجان الكشف الإنشائي صعوبةً في إقناع الناس بضرورة هدْم البيوت المتضرّرة جزئياً، وفق ما يؤكّد لـ«الأخبار» المهندس سمير أحمد من لجنة مدينة جبلة، قائلاً: «الاستجابة من قِبَل الناس ضعيفة، وهناك صعوبة في تقبُّلهم قرار الإخلاء سواء لتنفيذ الهدم أو إعادة التقييم، وقد نضطرّ للجوء إلى مدير المنطقة لمساعدتنا في تنفيذ هذا الجانب»، مضيفاً أن «خوف الناس وحالتهم النفسية الصعبة أدّيا إلى تشكيل ضغط كبير على اللجان، خاصة بسبب التهافت غير المنظَّم الذي يؤدي إلى الكشف على أبنية تمّ الكشف عليها سابقاً من قِبل مهندسين آخرين».