ينفّذ النظام المصري أجندة «صندوق النقد الدولي» من دون مواربة
هكذا، تجاهل النظام تعديل الدعم المقدّم عبر السلع التموينية، والذي بات يفقد قيمته يوماً بعد آخر، في ظلّ استمرار إقرار الزيادات في الأسعار على السلع من دون زيادة المبالغ المخصّصة للمواطنين، في خطوة تستهدف القضاء التدريجي على «الدعم» من دون إعلان رسمي. وبدا لافتاً أنه وبخلاف عدم قدرة السلطات على فرْض الزيادات الجديدة في الأجور على القطاع الخاص، فإن ثمّة مشكلات لدى العاملين في القطاع الحكومي وأصحاب المعاشات مرتبطة بوجود زيادات تفوق ما يتقاضونه من رواتب بما فيها أدوية ومستلزمات طبية، وهو الأمر الذي نال من القدرة الشرائية لكثيرين منهم. على أن الحكومة تنفّذ أجندة «صندوق النقد» من دون مواربة، ما يعني أنها ستضطرّ مجدّداً لخفض قيمة الجنيه في الأيام المقبلة، ليصل سعر الدولار الواحد إلى نحو 35 جنيهاً، وهو ما يُتوقّع حدوثه قبل منتصف الشهر المقبل على أقصى تقدير، خصوصاً أن صناديق خليجية تنتظر هذه الخطوة لضخّ مزيد من الأموال والاستثمارات بحسب الاتفاق مع الحكومة على تنفيذ المعاملات الخاصّة بالاستثمار، وفق سعر صرف «عادل». ويبدو أكيداً أن سوء الأوضاع الاقتصادية، زاد من السخط على النظام بشكل واضح، وهو ما دفع السيسي شخصيّاً إلى الحديث عدّة مرّات عن محاولة الدولة حلّ الأزمة التي تواجهها بكافة الطرق، وتأكيده أن الوضع العالمي يفرض ضغوطاً إضافية بينما يحاول هو تخفيف الآثار على المواطنين.
إزاء ذلك، يسعى النظام إلى تحميل جماعة «الإخوان المسلمين» المنحلّة، مسؤولية التحريض على الانتقاد، كما وتحميل الحرب الروسية - الأوكرانية الشقّ الآخر من سوء الوضع الاقتصادي، من دون الإقرار بأن السياسات الخاطئة أَدخلت البلاد في هذا النفق المظلم. وحتى الآن، لا توجد خطّة حكومية معلَنة لمعالجة آثار التضخّم والأزمة الاقتصادية المعقّدة حتى بعد طرح سندات إسلامية في بورصة لندن بفائدة 11% على الدولار، لتكون من أعلى معدّلات الفائدة في العالم؛ فلا السيسي لديه رؤية لمعالجة الأزمة، ولا الحكومة الحالية قادرة على تقديم استراتيجية واضحة للتعامل مع الوضع الراهن، ممّا يزيد الأمور تعقيداً.