ابن زايد، الذي استقبل الأسد في «قصر الوطن»، أكد، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، أن بلاده تدعم سوريا «قلباً وقالباً»، مشيراً إلى استمرار عمليات الإغاثة لمتضرّري الزلزال، مضيفاً في تغريدة: «أجرينا مباحثات إيجابية وبنّاءة لدعم العلاقات الأخوية وتنميتها لمصلحة البلدَين والشعبَين الشقيقين، وتعزيز التعاون والتنسيق في القضايا التي تخدم الاستقرار والتنمية في سوريا والمنطقة». من جهته، اعتبر الأسد أن «مواقف الإمارات دائماً كانت عقلانية وأخلاقية»، لافتاً إلى دور الوساطة الذي تلعبه أبو ظبي لإعادة بناء العلاقات السورية العربية، والذي «يتقاطع مع رؤية سوريا في ضرورة تمتين العلاقات الثنائية بين الدول العربية وصولاً إلى العمل العربي المشترك، والذي يشكّل الانعكاس المنطقي لِما يَجمع بين هذه الدول وشعوبها ويحقّق مصالحها»، وفق تعبيره.
تأتي زيارة الأسد إلى الإمارات بعد توقّف المباحثات السورية - التركية للتطبيع بين البلدَين
وتأتي زيارة الرئيس السوري في وقت تشهد العلاقات السورية – السعودية مزيداً من الدفء، في ظلّ توجّه الرياض المعلَن إلى الانفتاح التدريجي على دمشق، والذي تلعب الإمارات وسلطنة عمان دور الوساطة في إتمامه، وتسهم متغيّرات دولية عدة في تسريع وتيرته، أبرزها عودة العلاقات السعودية – الإيرانية بوساطة صينية. كما تأتي وسط تقرّب مزيد من الدول العربية من سوريا، آخرها مصر وتونس التي أعلنت رفْع مستوى تمثيلها الديبلوماسي في دمشق إلى وضعه الطبيعي (إيفاد سفير). كذلك، تُنبئ نظرة إلى طبيعة الوفد الحكومي الذي رافق الأسد، والذي ضمّ وزيرَي الاقتصاد والإعلام، بالأهداف الاقتصادية الواضحة للزيارة، في ظلّ رغبة أبو ظبي في المشاركة في عمليات إعادة الإعمار، والانخراط في مشاريع استثمارية عدة. ومن هنا، تعدّ الزيارة متمّمةً للاتفاقات التي وقّعتها دمشق مع موسكو قبل أيام، وهو ما شرحه الأسد خلال لقاءات تلفزيونية مع وسائل إعلام روسية، قدّم خلالها شرحاً مفصلاً لرؤية بلاده لهذه المرحلة الجديدة، وتوجّهها نحو مزيد من الانفتاح العربي، الذي من شأنه طيّ مرحلة القطيعة التي استمرّت لنحو عقد من الزمن، بشكل تدريجي.
وبينما تُعتبر زيارة الرئيس السوري إلى الإمارات، الثالثة الرسمية له، بعد زيارته سلطنة عمان وروسيا، تأتي هذه الجولات لتتوّج سنوات من العمل الديبلوماسي والأمني، وتنقل العلاقات إلى أعلى مستويات التواصل. ومن المتوقّع أن يتابع الرئيس السوري جولاته، وسط حديث عن دعوة عراقية، وتواصل مباشر مع الرياض. وسيكون من شأن كلّ ذلك أن يعيد هندسة العلاقات السورية - العربية، والتي اعتبرها الأسد أكثر أهمية في الوقت الحالي بالنسبة لحكومته من العودة إلى «الجامعة العربية»، مشيراً إلى أن هذه «العودة لا يمكن أن تتمّ قبل حدوث توافق عربي»، ما زالت تعيقه قطر المصرّة على الاستمرار في معاداة الحكومة السورية ضمن مشروع تقوده الولايات المتحدة. في المقابل، تجيء رحلة الأسد إلى أبو ظبي بعد توقّف المباحثات السورية - التركية ضمن الإطار الرباعي (برعاية روسيا وإيران) للتطبيع بين البلدين، إثر رفض دمشق المشاركة في لقاءات ديبلوماسية من دون وضع أجندة واضحة تتضمّن خطّة زمنية لانسحاب القوّات التركية غير الشرعية من الأراضي السورية. وأدّى رفض أنقرة للمطلب المذكور، ودعوتها إلى عقد لقاءات من دون شروط مسبقة، إلى فشل التئام اجتماع على مستوى نواب وزراء خارجية الدول الأربع في موسكو، وهو ما يرجّح تأجيل خطوات التطبيع السورية – التركية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية التركية المقرّرة في شهر أيار المقبل.