ولو لم يتمّ التوصّل إلى الاتفاق، لكانت الخطوة التي اعتزم الأسرى اتّخاذها «الأكبر والأكثر نوعية منذ عام 1967»، وفق ما وصفها حازم أبو حسنين، وهو مدير مكتب إعلام الأسرى التابع لحركة «حماس»، في حديثه إلى «الأخبار». وقال أبو حسنين: «عشتُ في السجون 16 عاماً، لم نشهد ظروفاً توحّدت فيها صفوف الأسرى، بعيداً عن التجاذبات الحزبية كما اليوم (...) خلال 56 عاماً، خاض الأسرى أكثر من 26 إضراباً مفتوحاً، هذا الإضراب لا يشبه أيّ إضراب سابق». وكان أعضاء «لجنة الطوارئ» أعلنوا، في بيان، أنه «بعدما ظنّ العدوّ أنه يستطيع أن يستبيح شيئاً من حقوقنا وكرامتنا، وبعدما فشلت كل الجهود والمساعي الداخلية والخارجية، في لجْم «صبيان التلال» من أمثال المدعو بن غفير، والمنكِر لضوء شمس وجودنا سموتريتش؛ قرّرنا الشروع في إضرابنا المفتوح عن الطعام «بركان الحرية أو الشهادة»، لنصدح بصوت جوعنا وصبرنا في الدنيا كلّها بصوتٍ واحد ووحيد: حرية... حرية... حرية».
كبار الأسرى وعمداؤهم، من مختلف الفصائل، سيتقدّمون صفوف المشاركين في الإضراب
وبحسب مصادر مطّلعة، فإن كبار الأسرى وعمداءهم، من مختلف الفصائل، من بينهم نائل البرغوثي وحسن سلامة وسامح الشوبكي ومروان البرغوثي، كانوا سيتقدّمون صفوف المشاركين في الإضراب الملغى، والذي حمل إعلانه خصوصية على اعتبار أنه تَقرّر في شهر رمضان.
وعن هذه الخصوصية، قال أبو حسنين إن «تحدّي الإضراب في شهر الصوم، وفي هذه الأجواء الباردة، أعطى مؤشّراً إلى أن الأسرى مُقبلون على خطوة كسْر عظم مع مصلحة إدارة السجون الإسرائيلية»، مشيراً إلى أن «خطوات الأسرى تحمل السِّمة التصاعدية المتدحرجة، حيث إن خطوات الإرباك الليلي ولبس أزياء السجون «الشاباص»، تمثّل إعلان تحدٍّ يسبق الخطوات الجامعة والكبيرة». وسبق للحركة الأسيرة أن نشرت، في 19 آذار الجاري، وصيّة جماعية، حملت قدراً كبيراً من التصعيد، إذ قال فيها المعتقَلون متوجّهين إلى قيادات الفصائل: «لا تتركونا وحدنا في ساحات المعركة، مكشوفين لسهام الغزاة، احموا أرواحنا وظهورنا، فأنتم أحادي القيم والمبادئ، والرهان عليكم كاسب. حرّرونا ونحن أسرى أحياء، قبل أن نكون جثثاً وأرقاماً». وبحسب أبو حسنين، فإن الرسالة كانت تحمل لهجة أكثر حدّة، لكن قيادة الفصائل في الخارج اتّفقت مع قيادة الأسرى على تخفيفها. وبيّن أن «فكرة إخراج الوصايا تؤكد أن الأسرى لديهم الاستعداد الكامل للتضحية، ولم يَعُد لديهم ما يخسرونه حين مسّ ابن غفير بالحدّ الأدنى من أسباب الحياة الكريمة».
بدوره، قال الأسير المحرَّر رأفت حمدونة، وهو باحث حقوقي مختصّ في شؤون الأسرى، في حديث سابق على الاتفاق إلى «الأخبار»، إن «الأسرى لا يرغبون في الجوع ومضاعفة المعاناة في السجون»، مشدّداً على أن «كلّ الجهود يجب أن تصبّ في إطار عدم إطالة أمد الإضراب، وتحقيق المطالب الإنسانية بأقلّ قدْر من المعاناة، وهذا يستلزم تكاتُف الجهود الشعبية والرسمية والفصائليّة والإعلامية».
ورأى حمدونة أن «مطالب الأسرى التي تكتسب السِّمة المطلبية والإنسانية، ستساهم إنْ أحسنّا حمْلها والدفاع عنها، في عزْل حكومة الاحتلال على الصعيد الدولي، لأن الخطوات الانتقامية ضدّهم تمسّ أدنى حقوقهم الإنسانية، كما من الممكن أن يساهم هذا الإضراب الكبير في تعميق الخلافات الداخلية في كيان الاحتلال، وخصوصاً أن هناك شخصيات سياسية وأمنية إسرائيلية تُفضّل المحافظة على الهدوء في السجون، وعدم استثارة الشارع والفصائل في هذا الملفّ الحسّاس».