مقالات مرتبطة
-
في موت أسير صادق القضماني
-
الثائر المشعّ وليد عبد الرحيم
-
خضر عدنان: هذا موتي أجعله احتفالاً نبيه عواضة
إنّ بعضنا لا يريد أن يقرأ مثل هذا الكلام، لا يريد أن يقرأ «كلاماً» يجعله يشعر بالتقصير، أو يذكّره بأنّ بالإمكان أكثر ممّا كان
أتمنى لو كان بوسعي أن أكتب عنواناً لهذه المادة «لم يكن الشيخ وحيداً». لكن في ذلك مجافاة للحقيقة، وفي ذلك مدعاة للكذب المنمّق، فالواقع كان جليّاً، عائلة الأسير كانت وحدها مع قلّة قدموا لمساندتها؛ منهم الشاعر زكريا محمد الذي كتب على صفحته في «فايسبوك»: «على دوّار المنارة تعتصم زوجة الشيخ خضر عدنان وأطفاله. قررت أن أتضامن معهم ومع الشيخ خضر، الذي لم يترك مظلوماً في هذا البلد لم يتضامن معه. ذهبت إلى الدوار، فلم أجد سوى رجل واحد يبدو أنه قريب للشيخ. بقيت ما يقرب من ساعة فلم يأت أحد. ظلت المنارة فارغة إلا من زوجة الشيخ وأطفاله. بعد ساعة، عدت إلى المنزل لكي أكتب لكم: يا عيب الشوم، يا عيب الشوم. يا عيب الشوم على بلد لا يتضامن مع واحد مثل الشيخ عدنان، الذي يبدو أن السلطات الإسرائيلية قررت عدم الإفراج عنه هذه المرة. أي قررت إعدامه. يا عيب الشوم. يا عيب الشوم». كلام الشاعر الكبير، ليس مجرد كلام، وليس كالذي تقرأه أيها القارئ الكريم لشخص يجلس أمام شاشته، فزكريا محمد نزل إلى الشارع، شارك ورأى وعاد وكتب.
إنّ بعضنا لا يريد أن يقرأ مثل هذا الكلام، لا يريد أن يقرأ «كلاماً» يجعله يشعر بالتقصير، أو يذكّره بأن بالإمكان أكثر مما كان، لكن من الواجب أن أقول لنفسي، وأقول لنا جميعاً، أمامنا معارك أخرى كثيرة، وهذه واحدة واضحة جداً: معركة الأسير وليد دقة، الذي علّمنا ويعلّمنا من داخل أسره الطويل معرفة بكل ما للكلمة من معنى، ويخوض اليوم معركة جديدة من أعتى المعارك التي خاضها مع الأسرى خلال سنوات اعتقاله التي تجاوزت الـ 37، اليوم هو مريض، وعائلته والأصدقاء وعدد من المناضلين يطالبون بالإفراج عنه لتلقّي العلاج اللازم لحالته الصحية الاستثنائية، فإمّا أن يخذل هذا المفكر، كما خذل الشيخ خضر الذي لم يقصّر مع أحد، وإمّا أن تقف فلسطين ومن يناصرها معه ومع باقي الأسرى في معتقلات الاحتلال.
وليد دقة، ومثله الأسير عبد الرازق فراج الذي أجرى عملية أخيراً، وغيرهما من الأسرى المرضى الذين يعانون، ومثلهم الأسرى الذين يخوضون الإضرابات الفردية عن الطعام، وباقي الأسرى الذين يتجهّزون في كل لحظات حياتهم داخل السجن للمواجهة، يستحق هؤلاء، يستحقون منّا بعض الوفاء، على الأقل برفع الصوت عالياً «إنهم شرفنا»، وهذا الشرف العظيم يجب أن تخاض من أجله المعارك الجدية، لا الكلامية والخطابية ولا الفراغية حفظاً لماء الوجوه التي باتت تخلو من الملامح.