مقالات مرتبطة
-
«مجزرة» المحافظين: السلطة تبدّل جلدها يوسف فارس
-
عباس ينتظر التسهيلات: ماضون في ضرب المقاومة رجب المدهون
لن تؤدّي التسهيلات المنتظَرة للسلطة، إلّا إلى تشديد قبضة الأخيرة الأمنية في مواجهة المقاومة
وبالنتيجة، لن تؤدّي التسهيلات المنتظَرة للسلطة، إلّا إلى تشديد قبضة الأخيرة الأمنية في مواجهة المقاومة، وتَخفّف إسرائيل من بعض الضغوط الأميركية في سياق محاولتها تقديم «تنازلات» للبيت الأبيض يمكن تسويقها في مقابل اتفاق التطبيع المنشود مع السعودية. ولا تنكر السلطة حقيقة أن تلك التسهيلات محدودة وغير كافية، بل وسخيفة بحسب وصف البعض، كونها لا تقترب حتى ممّا تطلبه رام الله من خلال اتصالاتها الدائمة مع واشنطن، أو ما اتُّفق عليه في قمّتَي العقبة وشرم الشيخ، في وقت يَجري فيه على قدم وساق الترتيب لقمّة ثالثة من هذا النوع. والحقيقة أن ما تنوي تل أبيب تقديمه ليس سوى حقوق سرقتها هي بنفسها، ومن بينها مثلاً قرض بقيمة 500 مليون شيكل ستسمح للسلطة بالتوقّف عن تسديده، فيما هو في الواقع قيمة ما تقتطعه إسرائيل من أموال المقاصة، والذي يخصّ رواتب الشهداء والأسرى. كذلك، تأتي الموافقة على تقاسم ضرائب المغادرين الفلسطينيين على معبر الكرامة بالمناصفة، بعد سرقة إسرائيل ملايين الشواكل طوال السنوات الماضية، بينما الحديث عن المنطقة الصناعية في ترقوميا قديم، ولم يسلك سبيله إلى التنفيذ إلى الآن.
على أن تلك الوقائع ليست مفاجئة أو مستغرَبة؛ إذ إن السلطة، ومنذ لحظة ولادتها، وضعت عنقها تحت المقصلة الإسرائيلية، وكبّلت نفسها بـ«اتفاقية باريس» الاقتصادية، وجعلت وجودها عرضة للابتزاز والضغط، وهو ما يتجلّى مثلاً في اقتطاع تل أبيب الملايين من قيمة الضرائب التي تجمعها نيابة عن رام الله عقاباً للأخيرة على توجّهها إلى المحافل الدولية، وتحويلها تلك الأموال أحياناً لصالح عملاء لإسرائيل، أو لمستوطنين قُتلوا في عمليات فدائية. وعلى رغم أن ما قدّمته تل أبيب لرام الله، دائماً، لم يكن سوى فتات، وهو ما ينسحب على الوضع الحالي، فإنها تضع مقابل ذلك أثماناً كبيرة، الأمر الذي يتكرّر اليوم بطلبها من واشنطن ممارسة «ضغوط على الفلسطينيين للعمل ضدّ الإرهاب»، وفقاً لما نشرته «القناة 13»، مساء (الثلاثاء). كما أن خطوتها المنتظرة لا تعدو كونها جزءاً من البروباغندا المطلوبة في مواجهة تصاعد الانتقادات الدولية والحقوقية لها، على ضوء دعمها وتشجيعها لإرهاب المستوطنين.
في المقابل، فإن السلطة لا تزال تتمسّك بما تسمّيه «المشروع السياسي» الهادف إلى انتزاع حقّ الفلسطينيين في إقامة دولة لهم على حدود 1967، على الرغم من أن إسرائيل ألغت عملياً أيّ إمكانية لقيام هكذا دولة بتغوّلها الاستيطاني في الضفة. وأمّا التحرّك الأميركي - الإسرائيلي الآن لاستنقاذها فليس سببه تبدّلاً في تلك الاستراتيجية، وإنّما تصاعد حالة المقاومة في الضفة، والتي فشل الاحتلال في القضاء عليها كما فشل في حصاره على غزة، وهو ما يستوجب اللجوء إلى أساليب أخرى بهدف احتواء الحالة المشار إليها، في ما يذكّر بالاتصالات التي انهالت على السلطة خلال معركة «سيف القدس»، ومن بينها واحد من الرئيس الأميركي، جو بايدن، بعد تجاهل دام أشهراً. وإذا كانت السلطة تحاول، في كلّ مرّة، تبرير إغراقها في «التنسيق الأمني» بتصدير مطالب تأمل تلبيتها، من مثل وقف الاقتحامات الإسرائيلية لمناطق «أ» الواقعة تحت سيطرتها الكاملة، والتي بسببها ترتفع انتقادات الفلسطينيين للأجهزة الأمنية واتّهاماتهم لها بعدم توفير الحماية لهم، ووقف هدم منازل الفلسطينيين في المناطق «ج» التي تمثّل 60 % من مساحة الضفة، وتقع تحت سيطرة إسرائيلية كاملة، مقابل تشجيع المستوطنين على البناء فيها، ووقف جرائم المستوطنين التي تصاعدت على نحو غير مسبوق في العام الجاري، فالأكيد، على ضوء المعطيات المتقدّمة، أن رام الله لن تتمكّن من نيل أيّ من تلك المطالب.