تحوّل حشد تأييد السيسي، أول من أمس، إلى تظاهرة تطالبه بالرحيل
وقبل يوم من إعلان ترشحه، ومع احتشاد أنصاره في الشوارع للتعبير عن تأييده، حذّر السيسي من أنه قادر على خلق اضطرابات تدوم لأسابيع بواسطة «100 ألف إنسان ظروفهم صعبة» مقابل حصول هؤلاء الأشخاص على أموال ومواد مخدّرة، بكلفة 30 مليون دولار، في تصريحات وصفها مراقبون بـ«الصادمة». وبلكنته المصرية المعتادة، قال السيسي خلال فعّاليات مؤتمر «حكاية وطن» الذي استمر لمدة 3 أيام في العاصمة الإدارية الجديدة لاستعراض «إنجازات النظام»: «أنا كنت بكلم السادة (أعضاء) مجلس القضاء الأعلى الصبح وقلت لهم تخيلوا أنا ممكن أهد مصر بـ2 مليار جنيه، وهم استغربوا جداً، قلت لهم أدّيه باكتة (مخدّر البانغو) و20 جنيه وشريط ترامادول لـ100 ألف إنسان ظروفه صعبة، أنزله يعمل حالة (أي اضطرابات)». وتابع قائلاً: «أنا مش هديله عشرين جنيه، الدنيا (الأسعار) غليت، أنا سأعطيه ألف جنيه، أنزله 10 أسابيع (للتظاهر)، بما يكلف مليون كل أسبوع لمدّة 10 أسابيع، أي بمليار جنيه... أهد بلد فيها 100 مليون أو 105 مليون بمليار جنيه، يعني 30 مليون دولار، فيه ناس بتصرفهم في حفلة».
وليست هذه التصريحات جديدة على السيسي؛ فقد سبق أن ترجمها في «فلسفته» التي طالما عبّر عنها، وطريقة إدارته للدولة المصرية خلال السنوات الماضية، وحتى رؤيته المستقبلية، بداية من قناعته بالقدرة على الحشد مقابل المال في الشارع، وتوجيه الاضطرابات كما يشاء، مروراً بعدم قناعته بالأدبيات السياسية التقليدية ومخالفتها في العمل السياسي، ووصولاً إلى تنفيذ مشروعات عدة من أجل رفع الروح المعنوية على غرار تفريعة قناة السويس التي استنزفت جزءاً ليس بالقليل من الاحتياطي النقدي. ومن هنا، يبدو أن السيسي يخوض الانتخابات واعداً بمزيد من الفقر والجوع للمصريين لتحقيق «التنمية» التي يراها من وجهة نظره في الكباري والطرق ومشاريع البنية التحتية ورفع الدعم، مدافعاً بأن بناء الدول الكبرى يستغرق سنوات طويلة على غرار التجربتين الصينية والألمانية.
وبالعودة إلى الحشود في الميادين من موظفي الدولة وعمال المصانع والشركات والأسر الأكثر احتياجاً، كان لافتاً تحوّل حشد التأييد للرئيس، أول من أمس، إلى تظاهرة تطالبه بالرحيل، في تحول مفاجئ أربك النظام الذي برّر الأمر بأنه ناتج عن خلاف نشب بين اثنتين من القبائل حول إدارة منصّة التأييد. وفي كل الأحوال، فقد جاءت كل تظاهرات التأييد هذه مخالفة للقوانين السارية التي تلزم القائمين عليها بتقديم إخطار مسبق بها والحصول على موافقة على مكان ومدة إقامتها. وبالإضافة إلى ذلك، أثارت عمليات الحشد المسبقة تلك، حالة غضب عارمة من قبل المواطنين الذين تضرّرت أشغالهم وأعمالهم وقضوا ساعات طويلة في الطرق، فضلاً عن أنها دفعت وزارة «التربية والتعليم» إلى تعطيل الدراسة بشكل غير رسمي في عدد كبير من المدارس، في ثاني يوم لافتتاحها.