عملياً، شكّل النزوح السوري معضلة. ففي حين انحصر دور الدولة عبر وحدات إدارة الكوارث بتسجيل العائلات اللبنانية النازحة وتقديم وزارة الشؤون الاجتماعية والهيئة العليا للإغاثة مساعدات رمزية كماً ونوعاً، اختفى أثر مفوّضية اللاجئين في الأيام العشرة الأولى من النزوح، بذريعة أن «لا قرار بعد بتفعيل خطة الطوارئ». بعدها، أعطت المفوضية توجيهاتٍ لشركائها المحليين (NGOs) بالتحرّك، ولأنها كسواها من الهيئات الأممية لا تستطيع تنفيذ عمليات توزيع مباشرة، إنما حصراً عبر اتحادات البلديات، شكّل مجموع ما قدّمته المفوّضية
لوحدة إدارة الكوارث في صور، 300 فراش و300 بطانية، و260 لمبة تعمل على الطاقة الشمسية.
وافقت المفوّضية على إقامة مخيّمات على الحدود وطلبت البحث في التفاصيل
وكان لافتاً ما طرحه وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالطلب من المنظّمات الدولية ومفوّضية اللاجئين إنشاء مخيمات للنازحين من الجهة اللبنانية للحدود مع سوريا لإيواء نحو 86 ألف نازح يعيشون في مناطق الجنوب، لـ«استحالة استقبالهم في مراكز إيواء مشتركة كالمدارس أو المؤسسات الثقافية والاجتماعية».
وعلمت «الأخبار» أنّ ميقاتي ناقش الأمر مع منسّق الأمم المتحدة في لبنان عمران ريزا وطلب بحثه بشكلٍ جدي. وفيما تفيد المعطيات بأنّ مفوّضية اللاجئين لم تعارض الاقتراح وطلبت البحث في تفاصيله في حال كان ذلك قراراً حكومياً، تُجمع أكثر من جهة معنية شاركت في الاجتماعات، على أن «المفوّضية مربكة وليست لديها خطة تحاكي النزوح الحاصل حالياً، ولا تصورات واضحة للإيواء في حال توسّعت دائرة الحرب».
وفي جلسة اللجان النيابية المشتركة التي عُقدت الثلاثاء الفائت، تحدّث حجار عن اقتراح إقامة مخيمات سورية، ولم يُسجّل أي اعتراض من النواب الـ 94 الذين حضروا الجلسة. علماً أنّه لا يمكن التعامل بخفّة مع فكرة وجود مخيم ضخم يوازي مدينة صغيرة على حدود فالتة غير مضبوطة، في منطقةٍ تنشط فيها عمليات التهريب وعصابات تسهّل النزوح غير الشرعي، كما أن السلطة لم تقدّم نموذجاً مسؤولاً في التعاطي مع ملف النزوح السوري منذ 12 عاماً. وبعيداً عن المتحمّسين، ثمّة وزراء أثاروا تساؤلات جدية حول الجهة المخوّلة إدارة المخيم وضبط أمنه، من يخرج ومن يدخل إليه، والخوف من تحوّله إلى بؤرة للمطلوبين ولمقاتلين في صفوف التنظيمات الإرهابية في سوريا في طريق تسلّلهم إلى لبنان.