أما في أحياء الشيخ رضوان والنصر والجلاء، في القاطع الغربي من شمال المدينة، فقد وقعت اشتباكات عنيفة مع المقاومة التي بادرت إلى تدمير عدد من الآليات، والاشتباك مع القوات الراجلة. ففي مقابل الزخم الناري للعدو، أعلنت المقاومة بالنار أنها رمّمت الكثير من إمكاناتها التي كانت قد شهدت تآكلاً في الأسبوعين اللذين سبقا الهدنة، فقصفت مستوطنات «غلاف غزة» حتى عمق 40 كيلومتراً بعشرات الصواريخ، فيما دكّت مفارز الهاون الحشود المتوغّلة بعشرات القذائف، ليعترف الاحتلال بإصابة أربعة من جنوده في القصف.
وكذلك، عاد سلاح الدفاع الجوي التابع للمقاومة بزخم كبير، حيث شاهد أهالي شمال وادي غزة، إطلاقات استهدفت الطائرات الحربية والمُسيّرة، في حين أعلنت «سرايا القدس» إسقاط طائرة مُسيّرة من طراز «سكاي لارك» في منطقة الزيتون.
الزخم الناري للعدو لا يحمل أيّ أهداف عملانية، ما يحوّل الصراع إلى عضّ الأصابع والتفاوض بالنار
كما شهدت منطقة تل الهوا جنوب مدينة غزة، اشتباكات عنيفة، وأطلقت المقاومة صواريخ موجّهة على حاجز نتساريم على طريق صلاح الدين. وفي المحور نفسه، استهدفت «سرايا القدس» تجمّعاً للجنود والآليات بقذائف هاون من العيار الثقيل. وفي شمال مدينة غزة، أعلنت «كتائب القسام» تدمير دبابة بعبوة «شواظ»، وأخرى بقذيفة «تاندوم»، فيما أطلقت «الكتائب» أيضاً أربع قذائف مضادّة للدروع على قوة إسرائيلية خاصة كانت تتحصّن في مبنى شرق بيت حانون. كذلك، أعلنت مجموعات «الشهيد عمر القاسم» التابعة لـ«الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» قنص جندي إسرائيلي في حي الشيخ رضوان. وفي المقابل، أكّدت مصادر عبرية أن 50 صاروخاً أُطلقت من القطاع، طاولت مستوطنات أسدود، وعسقلان، ونتيفوت، وسديروت، ونير عام، فيما وصلت ثمانية صواريخ إلى مدن العمق، وتحديداً تل أبيب.
وتؤكد مصادر مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، أن الوضع الميداني للمقاومة لا يزال متماسكاً، وأن ما كان يراهن عليه العدو من أن تتوجّه كل طاقة المقاومة إلى محور القتال الأسخن، في القاطع الغربي من شمال وادي غزة، ما يتسبّب بتبديد قواتها في القاطع الشرقي، باء بالفشل، إذ إن لكل مربع ميداني خطة وكادراً متخصّصاً للعمل فيه. وتضيف المصادر أن «الاختراق والتوغّل في المحور الغربي، جرى التعامل معهما في إطار الوضعية الميدانية الجديدة، ولا تزال المقاومة في شمال وادي غزة بخير، فيما تحافظ في جنوب القطاع على كامل بنيتها العسكرية والصاروخية». وتشي كل تلك المعطيات، بأن طموحات العدو في الوصول إلى مرحلة «صفر مقاومة»، ليس وارداً تحقيقها في المدى المنظور على الأقل، وأن الزخم الناري الحالي لا يحمل أيّ أهداف عملانية، ما يحوّل الصراع إلى عضّ أصابع وتفاوض بالنار.
وبالفعل، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين أنه ما زال بالإمكان استئناف الهدنة إذا سلّمت «حماس» أسماء عشرة أسرى إسرائيليين للإفراج عنهم، وأن 137 إسرائيلياً ما زالوا أسرى لدى «حماس» وغيرها من الفصائل، بمن فيهم 17 امرأة وطفلاً، بعد الإفراج عن 113 أسيراً، منهم 24 غير إسرائيليين، وأن المُفرج عنهم وفّروا للجيش معلومات استخباراتية قيّمة.
لكنّ نائب قائد حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحيّة قال إن العدو رفض عدة مقترحات لتبادل الأسرى، وأصرّ على إطلاق سراح جنديات، مشيراً إلى أن الحركة تسعى للوصول إلى أربع أسيرات محتجزات لدى مجموعات أخرى. وأصدر أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس»، بدورهم، بياناً يدعو الحكومة إلى استنفاد كل الخيارات لوقف القتال المتجدّد والعودة إلى الهدنة بهدف إطلاق المزيد من الأسرى. وأوضح البيان أن هجوم الجيش الإسرائيلي «يعرّض حياة الرهائن للخطر».
وسط ذلك كله، منع جيش الاحتلال دخول شاحنات المساعدات إلى غزة، فيما أكّد المدير العام للمستشفيات في القطاع، منير البرش، لـ«الأخبار»، أن المنظومة الصحية في كل القطاع تهاوت تماماً، إذ لا تتوفّر أيّ من كميات السولار اللازمة لتشغيل المولّدات الخاصة بتلك المستشفيات، فضلاً عن النقص الحاد في غاز الأوكسيجين والمستهلكات الطبية، وعجز آخر في الطاقم الطبي.