واشنطن مقتنعة بضرورة الاكتفاء في الوقت الراهن بـ «الجهود الدبلوماسية المتعلّقة بتحسين تدفّق المساعدات الإنسانية وحماية السكان المدنيين»
وخلال جلسة التصويت على مشروع القرار الإماراتي، على وقع انقسام حادّ في مجلس الأمن، اتّهم نائب المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، روبرت وود، مجلس الأمن بالفشل الأخلاقي في إدانة ما وصفه بـ»الهجمات الإرهابية في السابع من أكتوبر التي ارتكبتها حماس، بما في ذلك العنف الجنسي والشرور الأخرى التي لا توصف»، وفق زعمه. وأعلن وود رفض بلاده دعوة مشروع القرار الإماراتي إلى وقف إطلاق النار الفوري في قطاع غزة، معتبراً أنه «إذا ما تخلّت إسرائيل عن أسلحتها بمفردها اليوم كما تدعو دول كثيرة، فإن حركة حماس ستواصل احتجاز الرهائن من النساء والأطفال وكبار السن». وزعم الدبلوماسي الأميركي أن سيطرة «حماس» على غزة، تمثّل «خطراً لا يمكن لحكومات العالم السماح باستمراره»، مشدّداً على «(أننا) لا نؤيّد الدعوة إلى وقف إطلاق النار الفوري، لأن حماس لا ترغب بالسلام ولا بحلّ الدولتَين». وفي حين دعا حركة «حماس» إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها، قال إنّ حكومة بنيامين نتنياهو معنيّة بـ»الالتزام بالمعايير واحترام القانون الدولي خلال الدفاع عن نفسها، للحدّ من الأضرار المتوقّعة على المدنيين». وأردف بمطالبة إسرائيل بتجنُّب تهجير المدنيين في قطاع غزة، وتوفير ممرّات تسمح بالمرور الآمن بعيداً من العمليات العسكرية.
وفي معرض تعليقها على الموقف الأميركي، أشارت صحيفة «ذا غارديان» إلى أنّ واشنطن لا تزال تعارض وقفاً دائماً لإطلاق النار في القطاع، انطلاقاً من قناعتها بضرورة الاكتفاء في الوقت الراهن بـ»الجهود الدبلوماسية المتعلّقة بتحسين تدفّق المساعدات الإنسانية وحماية السكان المدنيين» هناك، موضحةً أنّ «المشروع الإماراتي» رمى إلى البناء على الزخم الذي ولّدته الخطوات غير المسبوقة الأخيرة الصادرة عن غوتيريش بخصوص التطوّرات في غزة، وما قادته مجموعة الاتصال العربية من «حملات ضغط» (lobbying) لدى بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، وكذلك لدى بلينكن، الذي التقى المجموعة مساء أمس. وتوقّفت الصحيفة البريطانية عند أسباب أخرى للمعارضة الأميركية لمشروع القرار الإماراتي، كاشفةً أن أحدها اعتراض إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، على بعض المضامين الواردة في صياغة البيان، وتحديداً لجهة تجنّبه إدانة «حماس» على خلفية أحداث السابع من تشرين الأول، فيما يتعلّق الآخر برهانات لدى واشنطن على تصوير الإعلان الإسرائيلي عن مزاعم بفتح معبر كرم أبو سالم، أمام المساعدات الإنسانية الموجّهة إلى غزة، باعتباره مؤشراً إلى انصياع تل أبيب للضغوط الأميركية على هذا الصعيد. وبناءً على ما سبق، خلصت إلى أنّ الولايات المتحدة تصرّ على أن الوقت لم يحن بعد «لإفساد هذه اللحظة» (في إشارة إلى الاستجابة الإسرائيلية) نحو وقف دائم لإطلاق النار في غزة. ومع هذا، لم تغفل الصحيفة الإشارة إلى بوادر انزعاج في أوساط الإدارة الأميركية تجاه السلوكيات الإسرائيلية، مستعرضةً التصريحات الأخيرة لبلينكن، والتي شكا فيها من وجود ما سمّاه «فجوة» بين ما دعا القادة الإسرائيليين إلى القيام به خلال زيارته الأخيرة للأراضي المحتلّة، وما يقوم به هؤلاء على أرض الواقع في غزة.