من شأن التعقيدات في ريف حلب وإدلب أن تعكّر صفو المشروع التركي
ولا يُعتبر هروب «الشيخ» أمراً مستغرباً في ظل الموقف الذي اتّخذه الرجل، الذي يقود ما يُعرف باسم «كتلة حلب» في «الهيئة»، منذ اعتقال «القحطاني» الذي يقود ما يعرف باسم «الكتلة الشرقية»، حيث أعلن أكثر من مرة رفضه الاعتقال، كما رفض عبر تدوينات عديدة نشرها عبر حسابه على موقع «X»، الاتّهامات الموجهة إلى صديقه، الأمر الذي رسم معالم شرخ بدأ بالاتساع في بنية الجماعة التي يقودها الجولاني. وكان الأخير قد أزاح، في السنوات الماضية، جماعات عديدة عبر عمليات اعتقال واغتيال متواصلة انتهت بإحكام قبضته على إدلب، ووضع خطط للتوسع في ريف حلب الشمالي عبر عقد اتفاقات وتحالفات مع جماعات عديدة، آخرها جماعة «صقور الشام» التي تُعتبر الذراع العسكري لـ«الإخوان المسلمين»، والتي أعلن قائدها «أبو عيسى الشيخ» انسحابه من «الجبهة الوطنية»، تمهيداً للعمل تحت إمرة الجولاني، وفقاً لما أكدته مصادر معارضة تحدّثت إلى «الأخبار».
وعلى غرار ما جرى في «حركة أحرار الشام» التي تحوّلت إلى قسمين، أحدهما تابع لـ«الهيئة» (القاطع الشرقي)، وآخر متحالف مع فصائل «الجيش الوطني» (المدعومة تركياً)، أعلن قسم من «صقور الشام» انشقاقه تحت مسمى جديد (صقور الشام - الفرقة 40) عن قيادته التي بقيت ضمن صفوف «الجيش الوطني»، الأمر الذي يزيد من تعقيدات المشهد الفصائلي في ريف حلب، بالتزامن مع أخرى مماثلة تسِم المشهد «الجهادي» في إدلب. ومن شأن التعقيدات المشار إليها كلّها أن تشكّل نكسةً جديدةً للجهود التركية المستمرة لدمج الفصائل ضمن هيكلية مؤسساتية في ريف حلب، أو حتى دمجها جميعها مع «تحرير الشام»، وتكوين هيكلية واحدة للمناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة في الشمال السوري؛ إذ تأتي محاولات الدمج تلك في ظل العداوة الكبيرة والمستعرة بين فصائل عديدة موجودة في ريف حلب وجماعة الجولاني، والانهيار المتواصل للبنية العسكرية لهذه الأخيرة نتيجة الاعتقالات والتصفيات الداخلية المتواصلة في «الهيئة»، التي كانت حتى وقت قريب تفتخر بـ«الإمارة» التي قامت بإنشائها في إدلب وبنت من أجلها حكومة حملت اسم «حكومة الإنقاذ».
بالنتيجة، يعكّر كلّ ما تقدّم صفو المشروع التركي القائم لبناء تجمعات سكنية على طول الشريط الحدودي مع تركيا، من أجل نقل اللاجئين السوريين إليها. ومرد ذلك رفض اللاجئين العودة إلى هذه المناطق التي تشهد معارك واقتتالاً داخلياً مستمراً بين الفصائل المنتشرة فيها، ما يعني الغياب التام للأمان، وأيضاً ضرب المشاريع الموازية لتقوية حضور المعارضة على طاولة المفاوضات التي تتوقعها أنقرة.