تريد باريس الإيحاء بأن «الحراك الدبلوماسي الفرنسي»، في ما يتعلّق بالملفّ الفلسطيني، مستمرّ على الساحة الدولية
وبدا أن اللقاء هدف إلى منح الجانب «الأمني» من المبادرة الفرنسية «بعض المضمون»، بعدما تمثّل بُعدها «الإنساني» في عقد قمّة دولية لمساعدة المدنيين في غزة، وبُعدها «السياسي» في الدفع من أجل إطلاق المناقشات حول «حلّ الدولتين». وبحضور خبراء من فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، وهي هيئة مسؤولة عن «رصد أنشطة غسل الأموال وتمويل الإرهاب»، وممثّلين عن أجهزة الاستخبارات، بحث المشاركون، بحسب ما أفاد به بيان صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية، الأربعاء، «حشد جهودهم في المحافل المختصّة»، وتعزيز العقوبات التي تستهدف حركة «حماس» وأعضاءها، وتطبيق المعايير التي وضعتها فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، بما في ذلك التصدّي للمخاطر الناجمة عن «استخدام العملات الرقمية» كوسيلة للتمويل. أمّا في ما يتعلّق بـ«الدعاية»، فقد شدّد المجتمعون على ضرورة «مكافحة المحتوى الإرهابي» الذي تبثّه «حماس» عبر الإنترنت، فيما لفت إلى أن الدعوة إلى مكافحة هذا المحتوى اقترنت بـ«احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير السائدة في الدول التي تحكمها سيادة القانون»، طبقاً للبيان نفسه.
هكذا، ظهر أن فرنسا، التي عمدت أخيراً، ولا سيما على لسان رئيسها، ماكرون، إلى تصعيد خطابها في وجه إسرائيل، داعيةً إيّاها إلى وضع أهداف أكثر عقلانية من «القضاء على (حماس)»، ومطالبةً أيضاً بوقف لإطلاق النار، قرّرت الانحياز، في هذا اللقاء، بشكل كامل إلى الجانب الإسرائيلي، مركّزة خصوصاً على مهاجمة «المحتوى» الذي تنشره «حماس»، بعدما تمكّنت الأخيرة من إيصال سرديتها وإنجازاتها في الميدان إلى عدد غير مسبوق من المتابعين، وحشْد دعم الكثيرين منهم حتى. وتجاهلت باريس، في ذلك، الروايات الإسرائيلية التي فنّدتها وسائل الإعلام الفرنسية نفسها في الفترة الأخيرة، وأثبتت زيفها، ولا سيما في ما يتعلّق باستخدام المستشفيات في القطاع كمخازن للأسلحة ومراكز للعمليات، أو قتل الرُّضَّع والنساء الحوامل وغيرها من المزاعم الإسرائيلية التي هدفت، منذ اللحظة الأولى، إلى تبرير العدوان الهمجي على قطاع غزة.