وفي هذا الجانب، لفت المحلّل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إلى أنه بالمقارنة مع الأسبوعَين الماضيَين، «سُجّلت نسبة خسائر منخفضة في صفوف الجيش»، عازياً ذلك إلى «تقليص المناطق التي يدور فيها قتال»، علماً أن قادة الحرب يؤكدون استمرار هذه الأخيرة «لمدة طويلة»، فيما كرّر وزير الأمن، يوآف غالانت، ما دأب على قوله من أنّ القتال سيستمرّ لسنة. وقال هرئيل إنه بناءً على الخطط العسكرية، فإن عديد القوات سيتراجع قياساً بحجمها خلال المناورة البرية في القطاع، غير أنه «سيبقى كبيراً، بالمقارنة مع المدة التي سبقت الحرب، وذلك لاحتياجات دفاعية وأخرى متعلّقة بمواصلة الهجوم على غزة». إضافة إلى ذلك، سيبقي الجيش على قواته منتشرة على الحدود اللبنانية - الفلسطينية في العام الجديد، «حتى لو لم يتوسّع التصعيد الأمني».
وفي موازاة سحبه الألوية، أجرى جيش العدو سلسلة من العمليات خصوصاً في المناطق المحاذية لمستوطنات «غلاف غزة»، من أجل إنشاء منطقة أمنية عازلة، يُحظر دخول الفلسطينيين إليها، في وقتٍ تمكّن فيه آلاف الفلسطينيين من العودة إلى الأحياء المدمّرة شمال القطاع، وهو ما يعني، وفقاً لهرئيل، أن «الجيش لا يسيطر بشكل كامل (هناك)؛ إذ إن مقاتلي حماس يتحرّكون بلا زي عسكري أو أسلحة ظاهرة بين المدنيين. وهذا يحدث في الأساس في المناطق التي قلّص الجيش قواته فيها، في شمال القطاع». وتطرّق المحلّل إلى المجريات على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلّة، حيث لا يزال «حزب الله» يطلق القذائف والصواريخ في اتّجاه المستوطنات الإسرائيلية الشمالية «بشكل محدود نسبياً»، معتبراً أن الحزب «حذرٌ من الانجرار إلى حرب شاملة مع إسرائيل»، لكن ذلك لا ينفي أن ما يحدث هو «مصيبة» لأن «الجانبَين يسيران على الحافة (في خضم) ما يُنسب إلى إسرائيل من شنّ عمليات ضدّ أهداف إيرانية».
تقليص القوّة البحرية الأميركية «ليس بشارة خير لإسرائيل»
واعتبر أن تقليص القوات البحرية الأميركية في المنطقة، والذي تمثّل في مغادرة حاملة الطائرات «جيرالد فورد»، «قد يكون مرفقاً برسائل سرّية إلى إيران مفادها بأن لا تصعّد الوضع المتوتّر». لكنه لم ينفِ أن «ينشأ هنا تقدير أميركي خطأ قد يفسّره حزب الله كفرصة لرفع المخاطر». كذلك، لفت هرئيل إلى أن تقليص القوّة البحرية «ليس بشارة خير لإسرائيل»، مكرّراً القول إن الدعم الأميركي لإسرائيل في حرب الإبادة التي تشنّها على غزة «ليس غير محدود»، خصوصاً أن المدة الماضية شهدت محادثات «مشحونة» بين الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على خلفية رفض الأخير التداول في مسألة «اليوم التالي»، وتسليم الحكم في القطاع للسلطة الفلسطينية. وحذر من أن التصريحات المكرورة لوزراء تكتّل أحزاب «الصهيونية الدينية» خصوصاً، حول ضرورة تهجير الفلسطينيين والعودة إلى إقامة المستوطنات في القطاع، «لا تسهم في زيادة ثقة واشنطن بالنوايا الإسرائيلية».