من جهته، اعتبر مدير «معهد الأمن القومي»، اللواء احتياط تامير هايمان، أن إسرائيل وصلت «إلى نقطة اتخاذ القرارات الحاسمة»، مشيراً إلى أن «المعضلة الآن أصبحت سياسية»، ورأى هايمان أن المستوى السياسي يقف أمام خيارين، هما، بحسبه:
1. الذهاب إلى صفقة تبادل الأسرى التي توسّطت فيها قطر، بما من شأنه أن ينهي الحرب من دون أي تكلفة سياسية، ولكن مع احتمال أن تبقى «حماس» في الحكم.
يتناول المزيد من المراقبين والمسؤولين الإسرائيليين السابقين فشل الحكومة في تحقيق أهداف الحرب
2. الذهاب إلى اتفاق إقليمي مع السعودية بوساطة أميركية. وحتى في هذه الحالة، فإن الحرب سوف تنتهي من خلال صفقة تبادل، ولكن ثمنها سوف يكون على هيئة موافقة إسرائيلية على العملية السياسية مع السلطة الفلسطينية، التي سوف تعود للسيطرة على غزة.
وبطبيعة الحال، بحسب هايمان، «يمكن للحكومة تأجيل القرارات والاستمرار فقط في العمل العسكري للحرب. ومن الناحية السياسية، هذا هو المسار الأكثر أماناً للائتلاف الحالي الحاكم»، لكنه مسار «لا يؤدّي إلى أي نهاية مستقرّة، ولا يضمن تحقيق أي من أهداف الحرب». لذلك، «يتعيّن على القيادة الإسرائيلية أن تتّخذ قراراً واحداً: ما هو الأهم؟ رؤية سياسية لا تحظى بشعبية، لكن من شأنها أن تضمن تغيير الواقع الأمني في الشرق الأوسط، وتحقيق أهداف الحرب جزئياً، أو بدلاً من ذلك، التصميم العسكري على تعميق هزيمة حماس، وربما فتح جبهة حرب أخرى في الشمال، من شأنها إضعاف حزب الله». ويرى هايمان أن الاستمرار في الحرب «سيحظى بتأييد أغلبية الجمهور، ولكن من المشكوك فيه ما إذا كانت الحرب ستؤدّي في النهاية إلى تغيير جوهري في ميزان الأمن القومي». ويؤكد أن «تحقيق الهدف الكامل للحرب أمر مشكوك فيه، وخاصة ذلك المتعلّق بعودة المختطفين».
من جهتها، قالت صحيفة «هآرتس» العبرية في افتتاحيتها، أمس: «100 يوم مرّت منذ إعلان إسرائيل الحرب على حركة حماس، ووضع الحكومة هدفين للحرب، وهما: تدمير حركة حماس وإعادة المحتجزين، ولكنها بعد مرور 100 يوم ليست قريبة من تحقيق أيٍّ منهما». وأشارت إلى أن «الحكومة تصدّت منذ البداية لمن أكدوا عدم إمكانية تحقيق الهدفين معاً، وادّعت أنه يمكن التوصّل إلى صفقة لإعادة المحتجزين الإسرائيليين، فيما تواصل تهديداتها بالقضاء على حماس، والزعم أن استمرار القتال أمر ضروري من أجل التوصّل إلى صفقة، ولكن الوضع يشير إلى غير ذلك». واعتبرت الصحيفة أن «عدم استعداد حماس لصفقة مقابل هدنة قصيرة، يعني أنه إن كانت إسرائيل تريد إعادة المحتجزين أحياءً، فعليها الموافقة على وقف طويل أكثر للقتال، والاستعداد لليوم التالي في قطاع غزة، وبكلمات أخرى، إنّ من يريد إعادة المحتجزين إلى منازلهم وهم أحياء، عليه أن يطلب من الحكومة إبرام صفقة لتحريرهم بأيّ ثمن حتى لو كان ذلك بدفع ثمن سياسي داخلي».
في غضون ذلك، يتناول المزيد من المراقبين والمسؤولين الإسرائيليين السابقين فشل الحكومة في تحقيق أهداف الحرب، من بينهم رئيس هيئة أركان الجيش ووزير الأمن السابق، موشيه يعالون، الذي شارك، ليلة السبت – الأحد، في تظاهرة في مدينة حيفا طالبت الحكومة بإعادة المحتجزين الإسرائيليين في أسرع وقت، والاستقالة في أعقاب إخفاق 7 أكتوبر، وإجراء انتخابات جديدة. وقال يعالون، في كلمة ألقاها في التظاهرة التي تُعَدّ واحدة من عدة فعاليات جرت في أكثر من منطقة، من بينها تل أبيب: «مرت 100 يوم على الحرب في قطاع غزة والحدود الشمالية، والنهاية ليست في الأفق (...) وحتى الآن هذه الحكومة التافهة لم تقرّر بعد ما هي أهداف الحرب وكيف ستنتهي». ورأى يعلون، أن «المسؤول عن الإخفاق لا يزال يشغل منصب رئيس الحكومة، ويرفض تحمّل المسؤولية».
وعلى صعيد متصل، نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن «(الرئيس الأميركي جو) بايدن ومسؤولين كباراً، محبطون من نتنياهو لرفضه طلبات لواشنطن متعلقة بالحرب في غزة». وأشار هؤلاء إلى أن «هناك أدلة متزايدة على أن بايدن بدأ يفقد صبره تجاه نتنياهو»، كما أن «إدارته قلقة من أن إسرائيل لن تلتزم بجدولها للانتقال إلى عمليات أقل حدة في غزة». وأكد المسؤولون الأميركيون أن «زيارة بلينكن الأخيرة لإسرائيل، أدّت إلى تفاقم الإحباط داخل البيت الأبيض والخارجية». وأشار الموقع إلى أن «آخر مرة تحدّث فيها بايدن ونتنياهو، كانت في 23 ديسمبر، وأنهاها الرئيس الأميركي بإغلاق الهاتف بوجه نتنياهو». وفي السياق نفسه، نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول أميركي تأكيده أن «بلينكن أوضح لنتنياهو ومجلس وزراء الحرب أن خطة إسرائيل لليوم التالي حلم لا يمكن تحقيقه».