تقوم طواقم الضريبة التابعة للبلدية بتنفيذ حملات تفتيش يومية لمحلات البلدة القديمة في القدس
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بدأت تَخرج دعوات إلى طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية والقدس المحتلتَين. ومن ضمنها ما جاء على لسان نائب رئيس بلدية الاحتلال في القدس، آرييه كينج، الذي كتب، في منشور على «فايسبوك»، أنه «يجب أن ندرك أن عرب القدس مثل عرب غزة، مكوّنون من إسلاميين متطرفين، وأقلية مسيحية، وغالبية صامتة تدعم الإرهاب بهدوء، وأقلية مسلمة تعارضه. يجب طرد هؤلاء الإرهابيين الملعونين وعائلاتهم من إسرائيل، ليعلم الجميع أنه لا حياة لمن أراد قتلنا». كما دعا إلى دفن الأسرى الغزّيين أحياء، واصفاً إياهم بـ«النازيين» وأنهم «دون البشر»، قائلاً: «لو أتيح لي اتخاذ القرار، لجلبت 4 جرافات ضخمة وأمرت بتغطية كل هذه المئات من النمل (بالتراب)، وهم لا يزالون على قيد الحياة». على أن تلك الدعوات لم تبقَ كلامية فقط، بل رافقتها إجراءات تعسفية اتّخذتها البلدية بحق المقدسيين، معطّلةً حياتهم اليومية، وجاعلةً إياها محفوفة بالمخاطر الدائمة، بهدف دفعهم إلى «الهجرة الطوعية».
وفي هذا الإطار، تقوم طواقم الضريبة التابعة للبلدية بتنفيذ حملات تفتيش يومية لمحلات البلدة القديمة في القدس، إذ تُغرّم كل تاجر يبيع مقتنيات بألوان العلم الفلسطيني، أو تمتّ بأيّ صلة إلى رموز القضية الفلسطينية، ومن ثم تقوم بمصادرتها كإجراء عقابي وآلية ردع لعموم المقدسيين. ويقول أحد التجار المقدسيين، لـ«الأخبار»، إنه «إذا باع أحدنا بقيمة 200 شيكل في يوم ما، قد يُغرّم بنحو 1500 شيكل لسبب كيدي تختاره طواقم الضريبة». كذلك، فصلت بلدية الاحتلال أسيراً مقدسياً مُحرراً، من عمله، بسبب خطبة جمعة ألقاها عام 2017 وصفتها بالتحريضية. وفي حادثة أُخرى، طردت مقدسيين من عملهم كمقاولين زراعيين، بعد رفضهم زراعة أشجار على شكل علم الاحتلال في مستوطنة «بيت هكيرم» غربي القدس المحتلة. وقال أحد إداريّي بلدية الاحتلال إنه «في زمن الحرب لا يوجد مكان للتعبير عن أي موقف سياسي».
وعلى خطّ موازٍ، استمرّ التغول الاستيطاني على قدم وساق؛ ففي كانون الثاني 2024، أعلنت بلدية الاحتلال في القدس، الموافقة على المخطط الاستيطاني المُسمى «وادي السيليكون»، والهادف إلى تدمير المنطقة الصناعية في حي وادي الجوز. كما صادقت البلدية على إنشاء مكب نفايات شمال شرق المدينة. وفي هذا الإطار، أوضح المحامي مهند جبارة، مقدم الالتماس ضد المشروع باسم المواطنين المقدسيين المتضررين، أن «مخطط وادي السيليكون يُعتبر كارثياً للمقدسيين، ويمسّ بشكل مباشر بأصحاب المشاغل في المنطقة الصناعية وبحقوق ملكيتهم، بالاستيلاء على محالهم». وأضاف أن «بلدية الاحتلال في القدس تتحدث عن بناء حي جديد في المدينة، متناسية وجود حي مقدسي عربي أصيل في المكان. كما أن تصنيف هذا المخطط لمباني هاي-تك، يحد من المشاريع السكنية في الأرض الفلسطينية، فالمقدسيون يُسمح لهم بالبناء على 10% فقط من مساحة أراضيهم».
أمّا حرب هدم المنازل، فقد ارتفعت وتيرتها في زمن الحرب؛ إذ تبيّن، من تقرير نشرته صحيفة «هآرتس»، أخيراً، أن بلدية الاحتلال في المدينة سرّعت من عمليات الهدم، وأنه «في عام 2023، دُمّر 140 منزلاً في أحياء مدينة القدس، أي ما نسبته أكثر من 60% قياساً بالعام الماضي. وعليه، فإن سياسة هدم المنازل والمنشآت التي تُنفذها البلدية في القدس حالياً، غير عادية مقارنة بالحروب السابقة على غزة». وكان تقرير محافظة القدس السنوي أظهر أنه بلغ عدد عمليات الهدم في المحافظة 316، 79 منها عملية هدم ذاتي قسري، إضافة إلى 40 عملية تجريف. كما سلّمت سلطات الاحتلال المقدسيين، في العام ذاته، 263 إخطاراً بالهدم.