لا يزال طريق عمّان ــ دمشق ملبداً بالغيوم، إذ تحاشت الحكومة الأردنية التعليق مباشرة على تحذيرات الرئيس بشار الأسد تجاه جاره الجنوبي، في مقابلته أول من أمس. ولم يصدر سوى تصريح مكرّر لوزير الدولة لشؤون الاعلام، محمد المومني، أكد خلاله على «الموقف الثابت ضد أي تدخل عسكري»، داعياً إلى «حل سياسي شامل».
«الموقف الثابت» تعبير رسمي ابتدع منذ بدء الأزمة السورية، ويتضح شكل الثبات في حصر التعامل مع متغيرات الأحداث بوصفها ملفاً أمنياً يتيح هامشاً للمناورة مع الحليف السعودي يتصل بالمنح والمساعدات، ولا يتخلّف في الوقت نفسه عن المواقف الأميركية التي تعادي «جبهة النصرة» حالياً، ولم ترفض مبدأ الحل السياسي بالمطلق.
هامش المناورة الذي يضيق يوماً إثر يومٍ، لا يلغي رضوخ عمّان للإرادة السعودية حين وافقت على دخول عناصر سلفية متشددة وبعضها محسوبة على «جبهة النصرة» طوال العام الماضي، وهو ما اضطرها لاحقاً إلى إقناع الرياض بالخطر الذي يتهدد المملكة في حال استمرار هذا النهج وتوسيعه. ويبدو أن التفاهمات الجديدة التي تقضي بدعم المعارضة السورية «المعتدلة» دخلت حيّز التنفيذ قبيل زيارة باراك أوباما الأخيرة إلى المنطقة.
التعامل الاستخباري ذاته ربما فرض على النظام السوري إرسال مبعوث أمني منذ أقل من شهر، للتباحث مع الجانب الأردني، وهو ما يعني وقف الاتصال عبر وزارتَي الخارجية كما كان يجري سابقاً، ورغم نفي عمّان دعمها المسلحين وإدخال السلاح، إلّا أن مصادر متعددة داخل الجيش الأردني تؤكد وجود معسكرات لتدريب قوى «معتدلة» داخل المعارضة السورية منذ ثلاثة شهور على أقل تقدير.
استناداً إلى هذه المعلومات، يعتقد مراقبون أنّ تصريحات الأسد تأتي بعد تلقيه ضربات موجعة عبر الحدود الأردنية، وهي مرتبطة بتطورات دراماتيكية ستقود إلى «معركة دمشق»، ولا يُتوقع ضمن الخطة الأمنية المرسومة بين عمّان والرياض وواشنطن أن يتم التراجع عقب تحذيرات الأسد
الأخيرة.
«تحذيرات» يترجمها العقل الأمني باستعدادات لدخول جماعات محسوبة على النظام السوري والقيام بتفجيرات في عمّان، وأن لا يتجاوز الأمر كذلك تعطيل التبادل الاقتصادي بين البلدين، حيث تُستورد الخضر السورية بأسعار زهيدة، وبناءً على هذه المعطيات فإن التقديرات الأردنية تستبعد ردوداً أقسى من الجانب السوري.
من جهة أخرى، يحاول بعض المحللين التركيز على وجود تناقض بين أطراف الحكْم حيال التطورات الأخيرة، خاصة بين قيادة الجيش والمخابرات العامة، مشيرين إلى تقديرات متباينة بشأن إمكانية التدخل العسكري في سوريا قريباً، لكن التجربة العراقية تبرهن أن مثل هذه التفسيرات لا يعوّل عليها، فلم يخالف الأردن أياً من المهمات التي أوكلت له في ذلك الحين، وأبرزها انطلاق الطائرات الأميركية من القواعد الأردنية لقصف بغداد.
التخبط السياسي حيال الأزمة السورية سرى إلى صفوف الصحافيين والمتابعين، وتتجلى المفارقة بمقال كتبه وزير الإعلام السابق سميح المعايطة ــ قبل مقابلة الأسد ــ يقول فيه بقرب عمل عسكري داخل الأراضي السورية من إحدى دول الجوار ــ الأردن غالباً ــ لا يهدف إلى إسقاط النظام بل للتخلص من «القاعدة». ويؤكد المعايطة على وجود اتفاق بين النظام السوري وحلفائه وبين خصومه على هذه العملية، وبذلك لا معنى، من وجهة نظره، للتراشق
الإعلامي.
السوريالية في التحليل تنطبق بصورة مختلفة على تحليلات بعض مؤيدي النظام السوري أو أنصار الحل السياسي، الذين يدافعون عن الحياد الأردني، بل ذهبت مخيلة بعضهم إلى تصوير أن الملك سيحمل رسالة تهديد روسية إلى الدوحة، بعد انتهاء زيارته الأخيرة إلى موسكو، وكان اللافت في الأمر عودة عبد الله الثاني إلى عمّان مباشرة.
الذهاب إلى معركة دمشق يمثّل جوهر الرؤية الأمنية الأردنية، التي ستؤمن استمرار تدفق السلاح النوعي ودعم المعارضة «المعتدلة»، ما لم يحدث تغيير في السياسة الأميركية، وهو احتمال وارد لكنه لن يتضح قبل قمة بوتين ــ أوباما في حزيران
المقبل.
6 تعليق
التعليقات
-
معركة دمشق تلاشت وإلى الأبد !!!مع مايحرزه الجيش السوري الوطني من تقدم وإنتصارات ..ومع تعدد مواعيد معركة دمشق وتأجيلها وعلى لسان المتحدث أمس بأسم الجيش الكر فقد تلاشت بوادر هذه المعركة ... وليحلم عبد الله بن الحسين بن زين بذلك ...ولكن الكوابيس ستراوده عندما يوقن أن مليارات آل سعود وبائع الغاز القطري ستوكن لعنة عليه وعلى كل من يؤيده !!!
-
عجز الخيارات الاردنيةكل الخيارات الاردنية للتعامل مع الملف السوري مكلفة ولا تستطيع الحكومة تبني اي من المواقف التي تنتهجها الاطراف الفاعلة في الازمة وبنفس الوقت لا تستطيع الاستمرار بسياسة نأي النفس عن الاحداث الدائرة لذلك تتعامل الحكومة مع جميع الاطراف وتحاول ان تتبنى موقفا بين الجميع وهذا ما جعلها محل تجاذبات ستقود في النهاية الى دفع اثمان باهظة في ظل العجز عن تبني خيار نابع من الضرورات الوطنية بمعزل عن رغبات الاطراف المتصارعة
-
الذهاب الى دمشق؟حضرة الكاتب لا يفرق كثيراً عن زميله المؤيد للملك بلبوس التأييد لسوريا، ربما حضرة الكاتب مؤيد لأمير غازي في بلد آخر. معركة دمشق قلتلي؟ بس بحب ذكر الكاتب إنو الجيش السوري أصبح أقوى بكثر من أوائل الثمانينات حين أجبر ملككم على الإعتذار المذل علناً، ابنه سيفعلها أيضاً لأنه يبدو ان الذل يأتي بالوراثة. الجيش الأردني فرقة إحتياط في الجيش الإسرائيلي للأعمال القذرة و إن يجرؤ معلميه الصهاينة سيجرؤ الجيش الوكيل و لن يجرؤوا، و معركة دمشق انتهت قبل أن تبدأ. إسلوب التفجيرات إسلوب ملككم القذر و ليس إسلوب رئيس قاوم العالم كله من أجل عزة كل العرب!
-
أما وقد وصلت الأمور إلى هناأما وقد وصلت الأمور إلى هنا فعلى الأستاذ ناهض أن يعلن انشقاقه عن النظام الأردني وأن يرتدي عباءته ويتجه إلى دمشق الممانعين.
-
ان القارئ الجيد للاحداث يدركان القارئ الجيد للاحداث يدرك انه من المستحيل على اي دوله ان تتدخل في سوريا فقد حسم هذا الامر منذ ان سقطت الطائره المقاتله التركيه و انسحاب الاسطول الخامس الامريكي بعد تجربة الصاروخ الذي اطلق من سوريا و سقط في صحراء ايران هذا من باب و هناك ابواب اخرى بالبحث تدرك انه من الاستحاله الا اذا قرر العالم ان يدخل الحرب العالميه الثالثه