![](/sites/default/files/old/images/p23_20081203_pic1.jpg)
يتميّز أسلوب الكتاب أيضاً بتبدّل أنواع الجمل من استفهام إلى تعجّب وانفعال بحركة سريعة تترجم تتالي الأفكار في رأس البطل الصغير، وتقدم للقارئ تحدّياً يحفز سرعة تفكيره ومحاكاة غير مصطنعة لذكائه، وقدرته على اللّعب واللّهو بين كلمات سهلة الفهم وأفكار حقيقية. ليس على الكاتب اللّجوء إلى السّحر والحيوانات الناطقة والعوالم الغريبة لإدهاش قارئه الصّغير، فلا نراه يستقي الأفكار المتطرّفة لاستفزاز البسمة مثلاً، بل يكتفي بالتجوال في بال طفل عاديّ، تلميذ في مدرسة، له أهل وأصدقاء وجارة صوتها ثخين، طفل مثل أيّ طفل آخر، يبرد ويمرض ويحزن ويفرح. أمّا عن الصّور، فتلك قصّة أخرى، إذ يدهش حسان زهر الدّين العين برسوم أقلّ ما يقال فيها إنّها ممتعة ومتنوّعة. إلّا أنّ الرسوم، على جمالها وحرفيّتها، تبقى ترجمة مباشرة (جدّاً) للنّص المتفوّق دوماً عليها بقوّة الانطباع اللّغوي والتّأثير على القارئ الصّغير، وتفشل في الارتقاء إلى دورها بتكملة النصّ.
لا يبجّل الكاتب قيماً بطولية مبالغاً فيها، و«ما بتمرق على حدا»، بل يسخر من خلال بطله من قصص الأطفال المبتذلة المبنية على التناقض السطحي بين الخير والشر، واضعاً بذلك تفكير القارئ في نصاب تربويّ واقعيّ، من خلال التحدّث عن الجانب الإيجابيّ (ليس لصّاً) مع عدم التّركيز على الاحتمال السلبيّ.
بواقعيّة ممتعة وبساطة مطلقة، يبدو حسن عبد الله وكأنّه يكتب للطّفل الذي كانه، للطّفل الذي نشتاق إليه ونادراً ما نتواصل معه في الكتب التي تتوجّه إليه، يبدو كأنّه يكتب للطّفل في كلّ منّا، منتزعاً بسمة عفويّة، تصقل ذوق القارئ الصغير وتذكّر القارئ «الكبير» بانفعالاته الأولى.