![](/sites/default/files/old/images/p23_20081216_pic1.jpg)
يُذكر هنا أن خلايا العضلات الكاملة النشاط تستطيع أيضاً إنتاج الحمض اللبني عندما ينقص إمداد الأوكسيجين. لكن لطالما اعتُبر هذا الحمض من النفايات التي تنتجها الكتلة الورمية، دون أي وظيفة معيّنة، بالتزامن مع تجاهل العلماء للطريقة التي تحصد فيها الخلايا البعيدة عن الأوعية الدموية كمية كافية من الغلوكوز للحصول على الطاقة المطلوبة لتكاثرها، علماً بأن دور هذه الخلايا أساسي بالنسبة لقابلية الأورام للحياة، إضافة إلى مسؤوليتها الرئيسية في حال الانتكاس أيضاً. إذ تواجه معالجتها صعوبة للوصول إليها بسبب حاجة العلاج الكيميائي إلى الجريان عبر الدم، وحاجة المعالجة بالإشعاع إلى الأوكسيجين لكي تحقّق هدفها.
الاكتشاف الأول الذي شارك فيه الباحثون من جامعة لوفان وفريق الدكتور مارك دويرست من جامعة ديوك في كارولينا الشمالية تمحور حول إيضاح عملية إعادة تدوير الخلايا المؤكسجة للحمض اللبني، عبر تحويله إلى طاقة. فقد تبيّن للعلماء أنه عندما تحصل الخلايا الورمية على فرصة الاختيار بين الغلوكوز والحمض اللبني، تختار الأخير بصورة منظّمة تاركة الغلوكوز للخلايا البعيدة عن الأوعية الدموية.
ومع التقدّم في الأبحاث، اكتشف الفريق آلية التحويل الغذائي للحمض اللبني، إلى أن أصبحت هذه الوظيفة ممكنة بفضل ناقل الحمض (monocarboxylate transporter) MCT1. ويفتح هذا الاكتشاف آفاقاً أمام إمكان الاستهداف المباشر للخلايا البعيدة عن الأوعية الدموية عن طريق قطع تزوّدها بالغلوكوز، وهي التجربة التي أثبتت فعاليتها على الفئران.
تجدر الإشارة إلى أن آلية إعادة التدوير، التي لم تكن معروفة من قبل، توفّر رؤية جديدة لطريقة عمل عدد من الأورام التي لا تبقى حيّة سوى عبر الحفاظ على توازن يغذّيها وينمّيها بواسطة إعادة تدوير نفاياتها الخاصة. فاكتشاف هذا الهدف العلاجي، والكلام لسونفو، يساعد في بلورة المقاربة التي من شأنها أن تُطبّق على مروحة واسعة من الأمراض السرطانية التي تصيب الإنسان، بدءاً من الرئتين مروراً بالرأس، العنق، الحنجرة، البلعوم والقناة الهضمية، وصولاً إلى الجهاز العصبي المركزي، الدماغ والثدي.