هكذا ظلّ الإعلام الإلكتروني السوري يعامَل معامَلة اللقيط من دون أن تعترف به أي جهة رسمية، إلا في حالات الحجب التي تحصل على نحو شبه يومي، إذ يكون للفروع الأمنية اليد الطولى فيها. لكن اليوم، يبدو أن الوزارات المعنية تيقظت أخيراً إلى أهمية عمل المواقع الإلكترونية. وقد صرح رئيس الحكومة السورية محمد ناجي عطري أخيراً بأن حكومته تسعى جدياً إلى إصدار قانون ينظِّم العمل الإلكتروني للحد مما أسماه «الفوضى التي تسيطر على عمل الإعلام الإلكتروني في سوريا». فيما تناقلت مواقع سورية أخباراً مفادها أن وزارة الإعلام تضع اللمسات الأخيرة على مسودة القانون الذي سترفعه إلى رئاسة مجلس الوزراء خلال أسبوع، لتتولى رئاسة الوزراء دراسته ورفعه لمجلس الشعب للتصويت عليه، فيصبح بعدها قانوناً نافذاً. ويُتوقع أن يصدر هذا القانون خلال شهر.
القانون أُعِدَّ بمشاركة وزارات سورية عدة ذات صلة بالموضوع، وهي وزارة الاتصالات، ووزارة الثقافة، ووزارة الإعلام. هذه الأخيرة ستكون المشرفة والمنظِّمة لعمل المواقع الإلكترونية. ويأتي ذلك في ظل ترقُّب المهتمين وأصحاب المواقع السورية الذين ينتظر بعضهم صدور هذا القانون لأنهم يأملون أن يضع حداً للتدخلات الأمنية، والحجب العشوائي. من جهة ثانية، ينتظر هؤلاء تنظيماً لعملهم
لعب دوراً كبيراً في تكريس خطاب إعلامي جديد لم يألفه الشارع السوري قبلاً
إلى جانب وزارة الإعلام، ستعمل وزارة الاتصالات مكثفاً على تطبيق هذا القانون. وكانت الوزارة قد عقدت سلسلة ندوات مع العاملين في هذا الحقل لاستطلاع آرائهم بشأن مواد القانون. وقد صرّح وزير الاتصالات السوري عمار صابوني عن رغبته بأن ينشئ العاملون في هذا المجال ميثاق شرف لأخلاقيات المهنة طوعاً!
وفي انتظار الصدور الرسمي لقانون تنظيم العمل الإعلامي الإلكتروني السوري، تبقى الاحتمالات مفتوحة بشأن إمكان حدّ القانون الجديد من حرية الإعلام الإلكتروني. أم أنه سيكون مطابقاً لتصريحات مصدر المستوى من وزارة الإعلام الذي أكد لـ«الأخبار»، أن القانون سيركِّز على الجانب التنظيمي وضمان حقوق الملكية الفكرية، والعمل على دعم المواقع الوطنية السورية، وتحديد المحاكم المختصة للنظر في عمليات القرصنة التي قد تتعرض لها هذه المواقع. كذلك، ستُفرض ضرائب ورسوم على هذا الفضاء الافتراضي الذي ظل لوقت طويل يعامل على أنه ابن غير شرعي.