![](/sites/default/files/old/images/p17_20100430_pic2.jpg)
نصّ زينة أبو فاعور مسكون بنكهة فلسفية تذكّر بالمتصوّفة
المدهش هو المستهدف هنا بصرف النظر عن اللغة البسيطة وغير المشدودة التي يتحقق بها. لنقرأ مقطعاً آخر: «دع عنكَ نُصحي أيها البستاني/ وليلعب السوس بأغصان شجري/ فيكفّ عن التطلع نحو الأعالي/ لا تُثنِ العشب الغريب عن معانقة الجذوع/ ولا تلقّني فنون الانتصار/ انزع فزّاعاتك/ واترك الطيور تمرح في بيدري/ وتعبّ من حبوبي ما شاءت/ فيكون لها بِضعٌ/ ولي بضعُ البضع». هذه كتابة بلا ادعاءات سواء كانت زائدة وفضفاضة أو ضرورية ومطلوبة. كأنّ الشعر يحدث بفعل التواضع والزهد والابتعاد عن الأضواء. صفات كهذه تمنح ما نقرأه نكهة فلسفية وإنسانية تذكّرنا بكتابات المتصوفة عن وحدة الوجود، حيث الذات ذائبة في الكون ومقتنعة بحصتها القليلة من الحياة. هكذا، تتحول مصائر الكائنات إلى تأمل شعري: «هذا العوسج الرقيق يستحمُّ بضوء الشمس/ ليسهِّل على الظبي هضمه»، ويتراءى المفرد في صيغة الجمع: «أكاد لا أراكَ لكثرتك». قصائد المجموعة متفاوتة الجودة، كما أن القصيدة الواحدة تتضمن سطوراً تلمع أكثر من غيرها. كأنّ أبو فاعور تكتب أشياء تحبها وترضيها، من دون الاكتراث لرضى القارئ المتطلّب الذي يستقبل أي كتابة شعرية داخل مشهد شعري شرس ومتعدد النبرات والأصوات، حيث يصعب الدفاع عن المعاني والمناخات إذا افتقدت الصنعة والحرفية.