محمد عبد الرحمن
التفاصيل المنشورة حتى الآن عن إغلاق قناة «الساعة» الليبية التي تبث برامجها من المدينة الإعلامية في القاهرة، تؤكّد أن الخلفيات الحقيقية للقضية لا تزال مجهولة. في مصر، خرج وزير الإعلام أنس الفقي ليؤكد أن القاهرة لم تطلب إقفال القناة التي بدأ بثها عام 2007، بل استجابت لطلب الحكومة الليبية وقطعت البث عن القمر الصناعي المصري «نايل سات»، رامياً الكرة في ملعب الليبيين. وتفادياً لأي اجتهادات، نفى الفقي تكرار أزمة قناة «الليبية» التي قيل إنّ النظام الليبي أمّمها بعدما هاجم الإعلامي حمدي قنديل السياسات المصرية في برنامجه «قلم رصاص». يومها، تردّد أن نظام معمّر القذافي يرفض أن تفسد قناة تلفزيونية علاقة الودّ بين بلده و«المحروسة».
لكن يبدو أن تصريح وزير الإعلام المصري لم يكن كافياً، بل زاد من علامات الاستفهام. ولعلّ أكثر ما أثار استغراب المراقبين هو إغلاق ليبيا للقناة بعد أسبوعَين فقط من إطلاق حلتها الجديدة. كانت المحطة قد غيّرت اللوغو وبدأت بعرض برامج جديدة، كما لجأت إلى استخدام التقنيات البصرية المتطوّرة. كل ذلك ترافق مع حملة إعلانية مكثّفة قامت بها مديرة القناة، الإعلامية الجزائرية فاطمة بن حوحو. وأكثر المفارقات أنّ بن حوحو صرّحت يوم السبت الماضي أن «الساعة» هي الأفضل، وتدفع أعلى أجور لإعلامييها. وجاء هذا التصريح بعد يوم واحد على إقفال القناة، ما يشير إلى أنّ العاملين في المحطة لم يكونوا على علم بوجود أي نية لإغلاقها.
هذه المعلومات يؤكّدها الإعلامي يوسف الحسيني لـ«الأخبار»، نافياً ما جاء في بعض المواقع الإلكترونية بأن برنامجه الجديد «ساعة بساعة» قد أغضب دوائر سياسية في مصر، وبالتالي كان هو السبب وراء وقف بثّ المحطة. يقول: «إذا كانت هذه الفرضية صحيحة، فلماذا لم يكتفوا بإيقاف البرنامج؟». ويؤكّد أن بن حوحو سافرت على عجل إلى العاصمة الليبية للبحث في حل سريع للأزمة التي أصابت أكثر من مئة أسرة مصرية.
نفى يوسف الحسيني أن يكون برنامجه قد أغضب بعض الدوائر السياسية في مصر
كل هذه المعطيات ترجّح فرضية إغلاق القناة بسبب خلافات ليبية ــــ ليبية، في وقت ينتظر الجميع صدور الحكم النهائي بحقّ هذا التلفزيون الذي كانت ملكيته في البداية ليبية ــــ لبنانية، قبل أن يستحوذ الجانب الليبي على ملكيته بالكامل.
يذكر أن مكتب بيروت كان قد أقفل في شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2008، ولم تعرف الأسباب الحقيقية حتى الآن، رغم أنّ بعض العاملين في بيروت عزوا الإقفال إلى استياء قذاف الدم من حكومة فؤاد السنيورة حينها. إذ تعهّدت في بيانها الوزاري بمتابعة قضية تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا (راجع الأخبار عدد 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2008).