مع مطلع التسعينيات، شهد هذا «المسرح السياسي» بروز جيل جديد، كان من بين أقطابه ديودونيه، الذي لقّب آنذاك بـ«كولوش الأسود»، ورفيق دربه إيلي سيمون. هذان الفنانان اللذان تربّيا في أحياء الضواحي الباريسية، جعلا من محاربة العنصرية والتصدي لليمين المتطرّف في فرنسا التيمة الأثيرة في أعمالهما، وأشهرها «مغامرات إيلي وديودونيه» (1991)، «حياة الوحوش، فكرة معينة عن فرنسا» (1993)، و«إيلي وديودونيه رهن الاعتقال» (1996).
ستموّل مؤسسة السينما الإيرانية فيلمه المقبل
لم يكن أحد يتصوّر آنذاك أن مواقف ديودونيه ستنقلب إلى النقيض، وسيصل به الأمر إلى درجة تأييد جان ماري لوبان رسمياً في انتخابات الرئاسة عام 2007، كردّ فعل على الحصار الذي ضُرب حوله ما إن تناول الصراع العربي ــ الإسرائيلي. بوادر هذا التحول برزت إثر الحملة الشرسة التي تعرض لها ديودونيه من «الاتحاد الصهيوني في فرنسا» وحاول منع عروضه المسرحية بالقوة! وفي شباط (فبراير) 2004، تجمّع أكثر من 2000 شخص أمام صالة «الأولمبيا» في باريس، تضامناً مع ديودونيه، إثر منع عرض مسرحيته «عفواً يوضاس» بالقوة، من قبل التنظيمات الصهيونية المتطرفة. آنذاك، كان بين المتظاهرين، انتصاراً لديودونيه ودفاعاً عن حرية التعبير، العديد من الفنانين ذوي الأصول اليهودية، من رفيق دربه السابق إيلي سيمون إلى الفكاهي المغربي الأصل جاد المليح. ويعتقد مقرّبون من ديودونيه أن المنعطف في انزلاقه نحو أطروحات إنكار المحرقة وفخّ اللاسامية المقيت، كان سببه الرئيسي اعتراض من يسمّيهم «العناصر الصهيونية» في «المجلس الوطني للسينما» على تمويل فيلمه «الكود الأسود»، الذي يشتغل عليه منذ عقد عن تراجيديا الرق والعبودية. وفي مؤتمر عقده في طهران، خلال تشرين الثاني (نوفبر) الماضي، إثر لقائه الرئيس أحمدي نجاد، أعلن ديودونيه أنه حصل من مؤسسة السينما الإيرانية على تمويل لإنجاز فيلمه بمواصفات إنتاجية تضاهي السينما الهوليوودية، التي قال إنّها تمثّل «الذراع الضاربة للصهيونية العالمية».