الألفة والرعب كذلك يمتزجان في صيغة تنتمي إلى لغة الحواديت «فمك المرسوم بقبلة سحرية/ في حجارة تبتسم من الخوف». كما أن «السنين الطويلة تفتح لك فمها تبتلعك مثل تمساح كبير». وهي الرغبة الطفولية نفسها في العثور على «حنين لا يلوح إلى البيت». ولو كان للبيت من ضرورة «لتركت زرعاً أخضر اللون يسلّم على العابرين من الشباك/ ينزل من على السلّم/ لصنعت لك مفتاحاً إضافياً ولتململت من نومك جواري/ لو كان لي بيت/ لتركت البيت كله لك/ المفتاح/ الجيران/ والكنبة / لشربت قهوتي على الرصيف/ قرأت الجريدة في الشارع».
الكتاب كله بحث عن حرية تنتظر من يمد يده إليها
وقد يعطّل ذلك الشعر في مقاطع لكنه قد يفاجئنا بحضور قوي في مقاطع أخرى. بل إننا نجد الشعر في الجزء الأكثر نثريةً في الكتاب بعنوان «نثار/ صوت أمي»، ربما بأكثر مما نجده في جزء القصائد الحرة.
في «نثار»، نقرأ الشاعرة بضمير الجمع «نمشي في إحدى الحارات مترنّحين لا بهدف البقاء في القصيدة ولكن لأنّا رأينا أنفسنا في الهواء الذي يهب على تسريحة الشعر ولمسة اليد الرقيقة. مكثنا هناك، تركنا الخيول تهز رؤوسها معرفة في المكان، وحاولنا أن نمسك الضوء بالكاميرات الصغيرة».
نتعرف مع النص إلى المكان وإلى العجز عن التقاط الصورة لعازف الكمان. ليس عجز الصورة فقط بل عجز البصر «خائفة من أن تكون نظرتها التي بقيت هناك ظلت تجرحه».
أما الكتاب كله، فبحث عن حرية تنتظر من يمد يده إليها «أجلس في المكان المقابل لباب الطائرة/ شخص ما فتح الباب/ ونسي/ نسي تماماً أن يركلني».