محمد عبد الرحمن
وحدها المصادفة جعلت صالات العرض المصرية تستقبل أربعة أفلام متتالية تحوي «مشاهد ساخنة»، وهي التسمية التي تُطلقها الصحافة المصرية على اللقطات الحميمة التي تُعرض على الشاشة الكبيرة. بعد «بالألوان الطبيعية» لأسامة فوزي، جاء فيلم «كلمني شكراً» للمخرج خالد يوسف. وبعد أيام، قدّم هاني جرجس فوزي ثاني أفلامه بعنوان «أحاسيس» وانتهت الرباعية باسم كبير هو داوود عبد السيد الذي سيعرض فيلمه «رسائل بحر» في الصالات ابتداءً من الثالث من شباط (فبراير) المقبل. تحوي هذه الأفلام الأربعة مشاهد جنسية متفاوتة. مع ذلك، لا يمكن القول إنّ السينما المصرية تحررت نهائياً من شبح السينما النظيفة الذي حمله محمد هنيدي ورفاقه في بداية القرن مع مجموعة أفلام كوميدية سيطرت على الساحة... بالتزامن مع ارتفاع أصوات المتشددين الذين تجاوبت معهم الصحافة تجاوباً غير مباشر حين خصّصت مساحات أكبر للأفلام التي تضمّ ولو قبلة واحدة أو ممثلة ترتدي المايوه لينشغل الناس بالشفاه والأجساد من دون النظر إلى مستوى الفيلم الفني.
الأمر نفسه ينطبق على الموجة الجديدة من المشاهد الجنسية التي اجتمعت عبر لعبة المصادفات البحتة: مثلاً، كان مقرراً عرض فيلم «كلمني شكراً» في عيد الأضحى لولا الحريق الذي طال ديكورات العمل في «استديو مصر». وكذلك الأمر بالنسبة إلى «رسائل بحر» الذي تأخر عرضه لأسباب فنيّة وتقنية. وبما أنّ الهدف هو التركيز على الأجساد فقط، تتناول الصحافة حالياً تلك الأفلام باعتبارها دليلاً على تسامح الرقابة. وهو أمر غير صحيح إطلاقاً، لأنّ الجنس في أغلب الأحوال لا يخيف النظام. كما أنّ الجنس الذي يُعرض في هذه الأفلام ليس صريحاً ولا مباشراً، فصناعها لا يجرؤون أساساً على تقديم أي مشاهد حميمة بالمعنى الدقيق للكلمة. بالتالي، كل ما يقال في الصحافة عن هذه الأعمال أفاد بعض الأفلام من خلال التغطية على عيوبها الفنية وأضر أخرى بالتركيز على لقطات لم يتعمّدها المخرج لجذب الجمهور بكل تأكيد. كما تُبرز التغطية الصحافية لهذه الأفلام التفاوت الكبير في نظرة المجتمع إلى الرجل والمرأة والجنس. إذ إنّ الممثلات اللواتي يقدمن تلك المشاهد يحضرن قبل العرض للتصريحات المناسبة للرد على الهجوم. وكان من بينهن الممثلة داليا
تعرّض خالد يوسف للنقد بسبب كثرة الإيفيهات الجنسية وظهور الممثلات بملابس مثيرة طوال الوقت
كهربني شكراً
صحيح أن الزحام متوقع في العروض الأولى للأفلام التي يهدف أصحابها إلى تحقيق الجماهيرية المبكرة. وهي ظاهرة سلبية تعانيها السينما المصرية ومعها الصحافيون في السنوات الأخيرة. إذ تُوجّه الدعوات إلى المئات لحضور الفيلم، ما أدى إلى استعانة النجمات بحرّاس شخصيين لحمايتهن من أي محاولات تحرش من غير المختصين الذين تصل إليهم الدعوات أحياناً. لكن العرض الخاص لـ«كلمني شكراً» (الصورة) شهد لأول مرة تلويح الـ«بادي غاردز» باستخدام العصا الكهربائية لردع من يخالف التعليمات. ما دفع عدداً من الحاضرين إلى إعلان استيائهم والتأكيد أنّهم حضروا فيلم «كهربني شكراً».