فرح داغر
كلنا يتذكّر تاريخ 14 كانون الأول (ديسمبر) 2008، حين كان جورج دبليو بوش يودّع العراقيين في مؤتمر في بغداد، فجاءته «قبلة الوداع» على شكل حذاء من صحافي كان ينقل الحدث، فصار هو الحدث! كان ذلك منتظر الزيدي، مراسل قناة «البغدادية» الذي سُجن على أثر «فعلته». وتوالت ردود الفعل في أرجاء العالم العربي بين مندد بـ«فعلة» ما كان ليفعلها لو كان أمام رئيس عربي، وبين مهلّل لحركة مقاوم. مهما يكن من أمر، فإنّ صرخة القهر تلك، كانت كفيلة بتحويل الصحافي العراقي إلى بطل قومي ورمز تصدّر الصحف والمجلات العربية والغربية على السواء. هكذا، انتشرت صور الزيدي ومقطع الفيديو الشهير الذي كان يرمي فيه الحذاء على بوش، في جميع المدونات العالمية والمواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي مثل «فايسبوك» و«ماي سبيس». وتحوّل الصحافي الشاب إلى أبرز شخصية عربية تتناولها المواقع العالمية بالحديث وتسليط الضوء، حتى أن الحادثة تحولت إلى لعبة على الإنترنت!
ومثلما اشتعلت الدنيا بعد رمية الحذاء الشهيرة، ها هي تشتعل مرة أخرى مع الإفراج عنه اليوم. فبعدما قضت المحكمة الابتدائية في بغداد في آذار (مارس) الماضي بسجنه ثلاثة أعوام، خفضت محكمة الاستئناف الحكم إلى عام واحد، نظراً لأن الزيدي (30 عاماً) كان حسن السلوك طيلة فترة محكوميته... وسيخرج منتظر اليوم من وراء القضبان. والأكيد أنّنا سنرى مذابح على شرفه، حتى أنّ عدداً من الزعماء العرب ورجال الأعمال صرّحوا بأنّهم سيقدمون هدايا بينها أموال وسيارات وذهب وفضة وشقة.
هاي كندرة الملايين... اليسار واليمين
وكان شقيق الزيدي، عدي، صرّح أمس أنّ إطلاق سراح شقيقه سيتمّ اليوم (أمس) وأكّد أنّ منتظر سيقوم بعد خروجه «بجولة خارج العراق، وخصوصاً في الدول العربية لتقديم الشكر لمن وقف إلى جانبه». وفي تصريح لافت، قال عدي إنّ منتظر لن يعود للعمل في قناة «البغدادية» لأنها «استغلّت اسمه». ثمّ عاد شقيقه الآخر، ضرغام، وأعلن أنّ إطلاق سراحه تأجل حتّى اليوم الثلاثاء، وأضاف «اتصل بي منتظر من داخل السجن ليبلغني أن إطلاق سراحه لن يحدث اليوم (أمس) بل غداً (اليوم) الثلاثاء». ولم يوضح ضرغام السبب، بل اكتفى بالقول «لم نحصل على جواب واضح. قالوا إن هناك بعض الأوراق التي يجب إكمالها (...) أعتقد أنّ هناك ضغوطات تمارس عليه». من جهته، أوضح محامي الزيدي ضياء السعدي أنّ القاضي طلب وثائق إضافيّة قبل إصدار قرار بالإفراج عن موكله، ما أجّل خروجه من السجن إلى اليوم. وعن حالة منتظر بعد هذا التأجيل، قال شقيقه ضرغام أنّه «من الطبيعي أن يكون منهاراً بعدما قضى تسعة أشهر في السجن وينتظر هذه اللحظة لكن هناك عقبات تؤجل إطلاق سراحه... سيكون يوماً طويلاً بالنسبه له».