كان حزيناً الشاعر صلاح جاهين إلى أن رحل عن عالمنا، فكيف جاء مبهجاً في عرض «سكتم بكتم»؟ ذاك الذي استوحته دعاء طعيمة بالكامل من قصائد الشاعر المصري الكبير ورباعيّاته وأغنياته ومسرحياته. خلال ساعة من الزمن، لا ينطق الممثلون كلمة خارج الأشعار الجاهينية التي امتزجت بدقة وحيوية، كي تخدم خيطاً درامياً بسيطاً يجمع الاستعراضات المستوحاة من «الليلة الكبيرة» التي كتبها جاهين لتصبح أشهر مسرحية عرائس عربية. يحل البشر الممثلون محل العرائس، ويتّسع النصّ لكلمات الشاعر من مختلف إبداعاته: الأراجوز والمعلم والمغني والراقصة الشعبية وغيرهم ينطقون بالحكمة في كل أوان ولا غرابة، فصاحبها شاعر كبير والشعر بيت الحكمة.
على «مسرح الغد» القاهري، قدّمت «فرقة الغد للعروض التراثية» مسرحيتها الاستعراضية. الدهشة مشروعة هنا لتناقض اسم الفرقة ـ والمسرح ـ مع التخصص: الغد/ تراث؟ قد يزول الاستغراب لدى تذكر أنّ «مسرح الغد» كان مخصّصاً للعروض التجريبية. تلك التي تتّسق أكثر مع اسم المسرح الذي ظل كما هو. مهما يكن، «جربت» المخرجة أن تأخذنا إلى جولة في العالم الجاهيني العميق والبسيط في آن. الحوار يستعير أبياتاً أو قصائد فينطقها من دون لحنها، ثم تتدخل الموسيقى (رؤية موسيقية لعطية محمود) لتتخلّل أبياتاً غير ملحنة. وبين هذا وذاك، نستمع إلى صوت الشاعر نفسه ينطق رباعياته.
خيط درامي يجمع الاستعراضات المستوحاة من «الليلة الكبيرة»