![](/sites/default/files/old/images/p12_20080426_pic3.jpg)
كعادته يتناول بيرايا هذا العمل على قاعدة الاحترام المطلق لإرادة المؤلف، فلا يحوّر في الإيقاع ولا يجتهد في الدينامكية ولا يتلاعب بأي إشارة موسيقية وردت في المدونة الأصلية. من جهة أخرى، لا يمكن اعتبار هذه المقاربة تكبيلاً للإحساس الخاص الذي يجب أن يضيفه العازف إلى أدائه... فلمسة بيرايا المميزة، القائمة على توقيع النوتات المفصلية في العمل، حاضرة هنا، والتوازن بين اليد اليسرى واليد اليمنى الذي يمثّل جوهر أعمال باخ للكلافسان، لا مثيل له إلا في تسجيلات عازف البيانو الكندي غلن غولد (مع فارق تلطيف النقر على المفاتيح عند بيرايا، من خلال دواسة اليمين لآلة البيانو التي لم يكن يستعملها غولد إلا نادراً).
من هنا لا يمكن الجزم في تصنيف التسجيلين، إذ ندخل هنا في مجال الذائقة الخاصة لكل مستمع. فمن لا يستسيغ تشنج غولد الذي يجعل الصوت عمودياً، لن يجد أفضل من انسيابية بيرايا الذي يقدم صوتاً أفقياً إذا جاز الوصف.
أما رحلة بيرايا في عالم باخ، فانطلقت في التسعينيات عندما أصدر المتتاليات الإنكليزية الست، تلتها «تنويعات غولدبرغ» (2000)، ومن ثم الكونشرتوهات السبعة للبيانو والأوركسترا (2001 و2002، حيث تولى بيرايا قيادة الأوركسترا أيضاً)، والكونشرتو الثلاثي، والكونشرتو براندبورجوا رقم 5، والكونشرتو الإيطالي للبيانو المنفرد (2003). عرف هذا العزف منذ بداياته مع كونشرتوهات موزار بالمنهجية، لذا يمكن التوقع أنه سيتابع تسجيل باخ حتى إنهاء الأعمال الأساسية... فانتظروا المتتاليات الفرنسية الست (على الأرجح) في السنوات المقبلة.
تجدر الإشارة إلى أن تسجيل بيرايا الجديد صنفته مجلة «ديابازون» المتخصصة كأفضل أسطوانة لشهر نيسان (أبريل) 2008، كما منحته مجلة «كلاسيكا ــــ ريبرتوار» عشر نقاط، أي أعلى تقدير في سلّم تقويماتها.
أسطوانة موراي بيرايا : Bach Partitas 2, 3 &4