![](/sites/default/files/old/images/p12_20071121_pic3.jpg)
تجدر الإشارة إلى أنّ دجاي هو أيضاً عضو في الفرقة المصرية «مسار» صاحبة المشروع الموسيقي الجدّي ذي المستوى العالمي على صعيد الأداء والتأليف. هذه قناعة راسخة لدى معظم الذين استمعوا الى باكورة الفرقة المذكورة «العيش والملح».
يصعب تصنيف المادة الموسيقية التي تحويها باكورة «بكش» (غير المعنونة) ضمن خانة فنيّة محددة، فهي مناخية أكثر منها نمطية. لكنها تقترب من الجاز النغمي الحديث، وتعتمد المينيمالية التكرارية عبر جمل ثابتة تتولاها إحدى الآلات، فتتقاطر حولها ارتجالات تتولاها الآلات الأخرى. كما تسند إلى الكونترباص إجمالاً مهمة تأمين أرضية صوتية منخفضة تكون ضابطةً للإيقاع أحياناً، ويستعمل القوس بدلاً من النقر في جزء منها.
أمّا علاقة الفلوت والساكسوفون، فتقوم على تواطؤ شبه دائم في عزف الجملة الموسيقية الواحدة بتناغم مصدره اختلاف موقع العزف على السلّم الموسيقي بين الآلتين، إضافة إلى بعض الحوارات الثنائية المرتجلة أو المكتوبة. ويبدو بديهياً حضور النَفَس الشرقي في الأسطوانة، من خلال آلة الفلوت التي تقوم بتلميحات تقتصر في الكثير من الأحيان على محطة عابرة أو جملة قصيرة من نوتات قليلة. وتعكس إحدى المقطوعات سعي الفرقة إلى حالة تطريب من خلال نفحات شرقية، مصرية بطبيعة الحال.
ألبوم «بكش» هادئ إجمالاً يعتمد الدخول التدريجي في مقطوعاته، تليه مرحلة تكوين تصاعدي قبل أن يبدأ الغروب ويتوارى الصوت تدريجاً. هذا لا يمنع مساكنة التشنّج للمناخ الشاحب، وخصوصاً في حالات تمزّق الكونترباص بعد الكبت الذي يسبّبه تعبيره المنكفئ في ظلال انفلاتات آلتي النفخ المتكاملتين في النبرة والحميمية. أمّا الخاصّة التي تجعل فرقة «بكش» تتمايز عن غيرها من التجارب الموسيقية البديلة في الوطن العربي، فهي أنّ تجربتها لا تندرج ضمن خانة توليف كلاسيكيات من الشرق أو الغرب. إذ حوت باكورتها سبع مقطوعات كتبها أعضاء الفرقة الثلاثة. وليس في هذا التوجه ضعفٌ أو قوّة، بل هوية مستقلة تماماً عن إبداعات الماضي، تنطلق من قاعدة جديدة لا تستعير دعائمها من إرث موسيقي بات مستنزفاً لكثرة ما نهلت منه فرق موسيقية عدة.
أسطوانة فرقة «بَكش»، توزيع Incognito