هكذا سنجد نجوى قاسم (الصورة) وهي تطلع على شاشة «الحدث» لتقديم «حدث اليوم» معتمدة على نظرية فريق «صناعة الموت» الجديدة في التعامل مع الحدث اليمني لتقول كلاماً لا يمكن لأي عاقل في الدنيا أن يربط بينه وبين أبسط ملامح قواعد المهنية والعمل الصحافي التي يعرفها تلامذة السنوات الأولى في مدارس الإعلام. كيف يمكن تفسير العبارة التي تحرص قاسم كل ليلة على إكمال برنامجها بها، متمنيةً أن تأتي «عاصفة الحزم» بـ «الازدهار والاستقرار» لشعب اليمن؟ من يُخبر المذيعة المخضرمة أن لا علاقة بين الحرب والاعتداء على أرض فقيرة، وفكرة الاستقرار والازدهار؟ ليس هذا فقط، بل على الضحايا تقديم الشكر لصاحب ذلك العدوان. يبدو هذا واضحاً من خلال اعتماد فريق «صناعة الموت» إياه على قاعدة تمرير فكرة شكر الملك سلمان بين مداخلات المحللين السياسيين الذين ينالون شرف الظهور على شاشة القناتين بالتناوب... كأن هناك ورقة صغيرة دوّنت عليها عبارة الشكر ويتم تمريرها تحت أنظار عدسة الكاميرا لنراها منطوقة على ألسن الظاهرين على الشاشة وجميعهم من نوع واحد وفصيل متطابق التوجهات يستفيض في سرد فضائل العدوان السعودي على اليمن الفقير.
لا رأي، ورأي آخر في القناتين ولا يمكن فهم المسألة بغير الطريقة التي أشرنا إليها، ونحن نرى العبارة نفسها تتكرر على لسان محلل يمني مقيم في بريطانيا، وصحافي يمني يحكي للقناة من داخل منطقة شعبية في مدينة عدن، أو محلل سعودي وخبير استراتيجي يقوم بتدريس مادة العلوم السياسية في «جامعة الملك سعود». ويتكرر الأمر باستمرار منذ اللحظة الأولى لانطلاق العدوان السعودي على اليمن كأن أصحابه على ثقة كبيرة بتصديق المتابع البسيط لهم. طبعاً، لا بد من تغطية حالة الشكر المُتفق عليها وتدعيمها عبر تقارير يتم تنسيقها من داخل بعض المناطق اليمنية وتُظهر تجمعات بشرية صغيرة وهي ترفع صور «خادم الحرمين» مع تركيز العدسة على نقطة التجمّع لتشتيت الفراغات المحيطة حولها. تبدو هذه الفكرة مستوحاة من عبقريات التلفزيون المصري الذي اخترعها أيام تغطيته لتظاهرات التأييد الضئيلة لمبارك التي كانت تخرج على يد الإعلامي توفيق عكاشة.
تطل علينا نجوى
قاسم يومياً لتمتدح فضائل العدوان
يبدو أن «العربية» و»الحدث» لم تدّخرا شيئاً من دروس الماضي القريب من أجل استثماره في سبيل تقديم ابتكارات جديدة وغير مسبوقة. ولهذا، تظهران على هذه الحالة غير القابلة للتصديق والمتجاوزة لقواعد العمل الإعلامي في أبسط صوره المهنية والأخلاقية.