ينتقد ميشال زرازير النظام الذكوري المسيطر على الكنيسة كما المجتمع
أيضاً من الأعمال الوثائقية القصيرة الملفتة «لبنان يربح كأس العالم» (23 دقيقة ــ 1/6 ـــ س:18:30) للمخرج طوني الخوري وأنطوني لبيه، الذي فاز بجائزة أفضل وثائقي قصير في «مهرجان وارسو السينمائي» في بولندا وأيضاً في «مهرجان سانتا بابرا السينمائي» العالمي (الاخبار 14/3/2016). في إطار من الطرافة وجمالية سينمائية خاصة، يعود الفيلم إلى الحرب الأهلية اللبنانية من خلال قصة رجلين شاركا فيها، كل من جبهته المتناحرة مع الأخرى، وكلاهما يحب الفوتبول. يروي أحدهما حين صودف توقيت كأس العالم مع الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام ١٩٨٢، وكيف كان مصراً حينها على إيجاد وسيلة لمشاهدة المباراة النهائية، فجلب جهاز التلفاز، واستحدث هو ورفيقه وسيلة لوصله بالكهرباء، وشاهدا الماتش مباشرة من جبهة القتال. يقول ضاحكاً إنّه حتى القصف الإسرائيلي توقف حينها، فلا بد من أنهم كانوا أيضاً يشاهدون المباراة. لا يمنع أنه بعد كل هذا الضحك، يصف كيف أصيب مباشرة بعد انتهاء المباراة ونقل إلى المستشفى. يتلاقى الرجلان في النهاية حول شغفهما المشترك كرة القدم، حيث يجلسان يشاهدان المباراة سوية، ويسكتشفان الماضي كل من زاويته التي تؤول إلى نتيجة واحدة هي: عدم جدوى كل الحرب. ينجح الفيلم في سرد رواية الحرب اللبنانية من زاوية أكثر حميمية وإنسانية، مما يساعد في تفكيها وتبسيطها، إلى جانب مشهد استثنائي في جماليته السينمائية المرسومة ببراعة أشبه بلوحة، إذ نرى البطل المقاتل السابق وهو يستعد للغطس، ويظل يردد: «لما أسبح أنسى كل شيء»، في حين نرى خيال البطل، وقرص الشمس المتوهج فوق رأسه، والكاميرا في الاسفل التي تتهادى كما الموج في انتظار كأنما أن يقفز داخلها. أيضاً من الأفلام القصيرة الجميلة التي تستحق المشاهدة «تحت الأثواب» (20 دقيقة ــ 1/6 ــ س:20:00) لميشال زرازير الذي يصوّر عالم الراهبات في أحد أديرة لبنان، في إطار من حس السخرية اللاذع والذكي الذي يتميز به الحوار، إلى جانب اللغة السينمائية. من خلال قصة اللغم الذي يدوس عليه المطران، والراهبات الحائرات بين إنقاذه أو تركه بمفرده ليلقى مصيره، ينتقد المخرج النظام الذكوري المسيطر على الكنيسة كما المجتمع ككل. أما من ناحية الأفلام الوثائقية الطويلة التي تتمتع بلغة سينمائية شديدة الخصوصية، فنتوقف عند فيلم «جغرافيا» (71 دقيقة ــ 1/6 ــ س:18:30) للمخرجة اللبنانية شاغيك أرزومانيان. تتناول الأخيرة مفهوم الانتماء من خلال قصة عائلة أرمنية ورحلة هجرتها التي تمتد على حوالى قرن ضمن لغة سينمائية تشبه المقاطع الشعرية في جماليتها وتجريبيتها. هكذا، تلتقط صوت الأماكن المهجورة، موسيقى الرحيل التي تنقل المشاهد من مشهد ومن زمن إلى آخر، فيما حضور الشخصيات هو دائماً كأطياف عابرة تحمل حنينها الذي يشابه في خفته وحزنه الريح. أيضاً، يعرض الفيلم الطريف «مبروك» (21 دقيقة ــ 31/5 ــ س:18:30) للمخرجة سينتيا صوما من بطولة الممثلة جوليا قصار وعايدة صبرا، وفيلم «لقطة عكسية ــ يوميات صراع» (27 دقيقة ـــ 31/5 ــ س: 18:30) لمي قاسم التي تعرض فيه مقتطفات من يوميات الحراك الشعبي. وفي فئة الأفلام الوثائقية الطويلة، «هدنة» (66 دقيقة ــ 2/6 ـــ س: 18:30) لميريام الحاج التي ترسم فيه بورتريه لعمها رياض الذي شارك في الحرب الأهلية، وتقاعد بعدها ليستبدلها بهواية الصيد! إلى جانب ذلك، يعرض فيلم «الطريق» (98 دقيقة ــ 31/5 ــ س:20:00) لرنا سالم، و«مرسل من السماء» (70 دقيقة ـــ 2/6 ــ س:21:30) لوسام شرف، و«إذهب إلى المنزل» (98 دقيقة ــ 3/6 ــ س:21:00) لجيهان شعيب الذي يختتم به المهرجان، والعديد من الأفلام الأخرى.
«مهرجان الفيلم اللبناني»: بدءاً من اليوم حتى 3 حزيران (يونيو) ـــــ «سينما سيتي» (أسواق بيروت) ـــ lebanesefilmfestival.org