كاليخا صاحب صوت ذي نبرةٍ جميلة وطاقة كامنة في المقتطفات الحزينة الهادئة
إذاً، في «مهرجانات زوق مكايل الدولية» برنامج مختصر هذه السنة (ليلتان فقط). الأولى مخصّصة للمقتطفات الأوبرالية من غناء منفرد وثنائيات. كما أشرنا في السياق، تجمع هذه السهرة ثلاثة أسماء. الأول، الباريتون برين ترفل (مولود في وايلز عام 1965) الذي يعدّ من أهم سفراء طبقته الصوتية في الغناء الأوبرالي في العالم اليوم. ريبرتواره ضخم، تحتلّ فيه أعمال موزار المرتبة الأولى من حيث القيمة (وبالأخص الثلاثية الإيطالية «كوزي فان توتيه»، «زواج فيغارو» و«دون جيوفاني») وكذلك أعمال فاغنر، تليها أعمال مؤلفي الأوبرا الطليان (فيردي، بوتشيني، دونيزيتي…). إلى جانب أدواره الكثيرة في الأوبرا، أصدر ترفِل تسجيلات لمقتطفات غنائية، صدرت عند ناشرين مرموقين أوّلهم الألماني «دويتشيه غراموفون». برين ترفِل معروف نسبياً حتى خارج المهتمّين جداً بالأوبرا. لكن المفاجأة هذه السنة هي التينور جوزيف كاليخا (مولود في جزيرة مالطا عام 1978). فإذا استثنينا الألماني يوناس كاوفمان الذي سرق الأضواء عن جميع مواهب الجيل الجديد من فئة التينور، يُعتبر كاليخا الورقة الرابحة التي عوّضت نسبياً رحيل بافاروتي بالنسبة إلى الناشر العريق Decca. فالرجل صاحب صوت ذي نبرةٍ جميلة وطاقة كامنة في المقتطفات الحزينة الهادئة ومنطلِقة في تلك الهجومية. بعد فوزه في مسابقات غناء مرموقة، راح جوزيف كاليخا يلعب دوره كمغني أوبرا قدير، يصدح صوته بلغة هذا الفن الأولى، أي الإيطالية، وكذلك بالفرنسية، لكنه لم يطرق بعد باب الأعمال الألمانية التي لا مفرّ منها عاجلاً أم آجلاً. هكذا لعب على المسرح أدواراً كبيرة في أعمال فيردي وبوتشيني وبلّيني ودونيزيتي وروسّيني وموزار (أوبرا «دون جيوفاني» فقط) وغيرها، ثم سجّل أسطوانات حوت مقتطفات أوبرالية، سيختار منها بالتأكيد في الأمسية التي تجمعه بزميلَيه برين ترفِل ومونيكا يونس. نذكر هنا أن السوبرانو المذكورة، وقبل أن تصبح من الأسماء الثابتة في برنامج «الزوق»، سبق أن زارت لبنان عام 2008 ضمن إطار «مهرجان البستان».
البرنامج غير معروف، لكن إن أخذنا في الاعتبار أن الظهور على المسرح سيتوزّع بين الغناء المنفرد والثنائيات (ترفِل/ كاليخا، ترفِل/ يونس وكاليخا/ يونس) يمكن التوقّع أنه سيتركّز أولاً على المقتطفات الإيطالية (لمؤلفين إيطاليين أو لموزار) وقد نسمع أعمالاً فرنسية أو ألمانية. وتجدر الإشارة إلى أن الأوركسترا التي سترافق المغنين الثلاثة في هذه الأمسية هي «الوطنية الفيلهارمونية اللبنانية» بقيادة غاريث جونز الذي يميل إلى الأعمال الأوبرالية تحديداً، وسبق له أن قاد الأوركسترا اللبنانية خلال زيارة مواطنه برين ترفل الأولى إلى لبنان قبل عامين. هكذا، يمكن القول ختاماً، إن كل ما سبق يجعل عناصر افتتاح «مهرجانات زوق مكايل الدولية» مكتملة.
إذا استثنينا أمسية الأوبرا الممتازة في «الزوق»، وكما أشرنا في السياق، لا وجود لا للأوبرا ولا لغيره من أشكال الموسيقى الكلاسيكية في المهرجانات العريقة، لكن ثمّة محاولة في هذا الاتجاه تأتينا في مهرجان «إهدنيات» الشمالي، نتناولها في مقالة مستقلة في هذه الصفحة.