الافتتاح الفلسطيني الهوى للمهرجان، سوف يحلق بعيداً نحو أميركا وأوروبا وآسيا، لا سيما مع حضور مخرجات أربعة أفلام لعروضها. لا تعلق الأفلام المختارة في بوتقة تنميط النسوية وحصر قضاياها بالتمييز والعنف والتسليع. معظمها يفتش عن الحق والعدالة في الحروب والصراعات كـ «فاهافالو مدغشقر: 1947».
تسعة أفلام طويلة وسبعة قصيرة من مدغشقر وسويسرا والبرازيل وفييتنام وسلوفينيا...
اختيار الأفلام هدف إلى إثبات أنّ هموم النساء متشابهة حول العالم. فيلم «الزوجة الثالثة» للمخرجة الفييتنامية آش مايفير يحكي قصة فتاة فيتنامية في الرابعة عشر من عمرها تصبح الزوجة الثالثة لثريّ لتنجب له أطفالاً. ومن الأفلام، «اليشيا» للمخرجة الهولندية ماسيا أومس و«الحكاية المذهلة للكمثرى الضخمة» للمخرجات الدانماركيات فيليب ليبسكي ويورجين لاردام وأمالي نيسبي و«برج العذارى» للمخرجة البرازيلية سوزانا ليرا.
في حديث إلى «الأخبار»، أوضحت منسقة المهرجان في لبنان رشا نجدي بأنه «يسلط الضوء على الأفلام حديثة الإنتاج التي كانت النساء وراء صناعتها بهدف تخصيص مساحة لأفلام المخرجات التي قد لا تنال المساحة في المهرجانات الأخرى». وتوقفت عند القيمة المضافة التي يتميز بها المهرجان في «نقل النشاطات الثقافية إلى خارج بيروت». وتشير إلى أنّ إدارته «تعمدت تركيز معظم العروض في صيدا، فضلاً عن إقامة المخرجات الضيفات في المدينة طوال أيامه». في هذا الإطار، تحدثت هدى حافظ من «مركز معروف سعد» عن الشراكة «الدائمة والكاملة بين المهرجان والمركز»، مشيرة إلى أن الأخير «سيستضيف الدورة الثانية من المهرجان العام المقبل».
* «قافلة بين سينمائيات»: من 26 حتى 30 نيسان في «مركز معروف سعد الثقافي» (صيدا ـ جنوب لبنان) ومن 27 حتى 29 نيسان في «دار النمر» (بيروت) ــ لمزيد من التفاصيل حول الأفلام والمواعيد، الاتصال على الرقم: 71/313637
أمل رمسيس: سينما المرأة أرشيف لقضاياها
لم تختلف مهنة أمل رمسيس بين أول مشوارها وآخره. بدأت محامية معارضة وانتهت مخرجة معترضة، توجت مسارها المعاكس بتأسيس مهرجان لسينما المرأة في بلدها مصر. لا تعيش من عمل الأفلام التي تصنعها من ألفها إلى يائها وتنتجها في معظم الأحيان «بسبب محتواها السياسي» تقول. شكلت استقلالية سينماها، استكمالاً لاستقلاليتها التي عادت إليها بجوائز عدة من مهرجانات عربية ودولية. قبل 15 عاماً، قررت الإقلاع عن ممارسة المحاماة. سافرت إلى إسبانيا لدراسة السينما. لم تكتسب أصول الإخراج فقط، بل اللغة الإسبانية التي عرفتها إلى سينما أميركا اللاتينية التي «لا تصل إلى بلادنا. إذ تفصل بيننا وبينها سينما أوروبا والولايات المتحدة الأميركية». خلقت ما يشبه التوأمة الضمنية بين عملها والسينما الناطقة بالإسبانية.
«وجدت قضايا مشتركة كثيرة بينهم وبين العالم العربي، لكن ما يعيق التواصل هو اللغة» تقول لنا. بعد اجتيازها عائق اللغة، شاركت في مهرجان السينما القصيرة في كوبا عام 2005 بالفيلم العربي الوحيد «بس أحلام» الذي فاز بجائزة «ليس لأنه الأفضل، بل لأنه الوحيد الذي ترجم للإسبانية». من هنا، تصر على ترجمة كل الأفلام التي تنتجها أو تعرضها لمخرجات أخريات، إلى لغة البلد الذي تعرض فيه. في 2008، أسست رمسيس «مهرجان القاهرة الدولي لسينما المرأة» الأول من نوعه في العالم العربي. منه، تفرع مهرجان «بين سينمائيات في العالم العربي وأميركا اللاتينية». طوال السنوات العشر الماضية، قدم المهرجان التجارب النسوية السينمائية العربية والإيبرواميركية ومد جسر تواصل بين السينما من بلاد الشام ومصر والمغرب العربي إلى السلفادور والبيرو والمكسيك. ومن المقرر أن ينظم دورته الحادية عشرة لهذا العام، في إسبانيا والمكسيك، بعد اختتام عروض بيروت وصيدا المرتقبة نهاية الشهر الحالي.
لا تهدف رمسيس إلى استدعاء الإشكال مع السلطات. لكن بحثها عن الحقائق المخفية والممنوعة تحيلها إلى طريق مسدود مع تلك السلطات، منها نقل فعاليات المهرجان من القاهرة للمرة الأولى هذا العام. بحثها قادها عام 2003 إلى كشف النقاب عن مشاركة 700 عربي في الحرب الأهلية الإسبانية، منهم ضد نظام فرانكو الفاشي ومنهم منضوون معه مجبرون بفعل الاستعمار الإسباني على المغرب. ذلك الدور وثقته في فيلم «تأتون من بعيد» الذي أنتجته عام 2018 بعد 15 عاماً من البحث، اضطرها لشراء الحقوق المحفوظة لجزء من أرشيف تلك الحرب. في أعمالها الثلاثة السابقة، اصطدمت رمسيس بحوائط مختلفة جمعتها في فيلمها «ممنوع» الذي صورته قبيل «ثورة يناير» في شوارع القاهرة، مختصراً لائحة «التابوهات» التي تحاصر الإنسان العربي. تابوهات انفجرت لاحقاً في فيلم «أثر الفراشة» الذي نقل المجازر الدموية والثقافية والمجتمعية التي أصابت المجتمع المصري خلال الثورة وبعدها. مصائر «الربيع العربي» لم تسمح لرمسيس بأن تستريح. إذ تعكف حالياً على كتابة سيناريو روائي «عن الهروب من المصائد على أنواعها من المجتمع إلى السلطة».
آمال...